الثلاثة إلا انه ليس من جهة الوضع بل من جهة ان الأمر الزماني لا بد وان يقع في أحد الأزمنة.
فتحصل ان الأفعال لا تدل على الزمان وان استعمالها في جميع الموارد على نحو الحقيقة ، ولا فرق بين استعمالها في الزمان وما فوقه واستعمالها في الزماني ، فالإسناد في الجميع اسناد حقيقي.
ولكن مع هذا كله يمتاز الفعل الماضي عن المضارع بخصوصية ثابتة في كل واحد منهما ، ولأجل تلك الخصوصية لا يصح استعمال أحدهما في موضع الآخر ويكون الاستعمال غلطاً واضحاً.
وتفصيل ذلك ان الخصوصية في الفعل الماضي هي انه وضع للدلالة على قصد المتكلم الحكاية عن تحقق المادة مقيداً بكونه قبل زمان التكلم ، وهذه الدلالة موجودة في جميع موارد استعمالاته سواء أكان الإسناد إلى نفس الزمن وما فوقه أم إلى الزماني فقولنا (مضى الزمان) يدل على قصد المتكلم الحكاية عن تحقق الزمن قبل زمن التكلم وان كان الزمان لا يقع في زمن الزمان ، وكذا قولنا (علم الله) و (أراد الله) وما شاكل ذلك يدل على ان المتكلم قاصد للاخبار عن تحقق المادة وتلبس الذات بها قبل زمن التكلم ، وان كان صدور الفعل مما هو فوق الزمان لا يقع في زمان ، وكذلك إذا أسند الفعل إلى الزماني كقولنا (قام زيد) و (ضرب عمرو) فانه يدل على قصد المتكلم الأخبار عن تحقق المبدأ وتلبس الذات به قبل حال التكلم فهذه الخصوصية موجودة في الفعل الماضي في جميع موارد استعمالاته من دون دلالة له على وقوع المبدأ في الزمان الماضي.
نعم بين الإسناد إلى الزماني والإسناد إلى غيره فرق من ناحية أخرى : وهي ان الإسناد إلى الزماني يدل بالالتزام على وقوع الحدث في الزمان الماضي. فهذه الدلالة وان كانت موجودة إلا انها غير مستندة إلى أخذ الزمان في الموضوع له ، بل من جهة ان صدور الفعل من الزماني قبل حال التكلم يستلزم وقوعه في الزمان الماضي لا محالة.