(الثامن) : ان الأصل الحكمي في المقام هو البراءة مطلقاً ولو كان للحكم حالة سابقة. هذا تمام الكلام في المقدمات.
الأقوال في المسألة
قال : المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ ان الأقوال في المسألة وان كثرت إلا انها حدثت بين المتأخرين بعد ما كانت ذات قولين بين المتقدمين ، لأجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مباديه في المعنى ، أو بتفاوت ما يعتريه من الأحوال ، وقد مرت الإشارة إلى انه لا يوجب التفاوت فيما نحن بصدده.
(أقول) : الصحيح كما أفاده ـ قده ـ وذلك : لما عرفت من أن مركز البحث والنزاع هنا في وضع هيئة المشتق وفي سعة معناه وضيقه واختلافه من كل من الناحيتين المزبورتين أجنبي عن المركز بالكلية.
ولشيخنا الأستاذ ـ قده ـ في المقام كلام وحاصله هو أن النزاع في وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدإ فعلا أو للأعم منه مبتن على البساطة والتركب في في المفاهيم الاشتقاقية ، فعلى القول بالتركب حيث انه قد أخذ في مفهوم المشتق انتساب المبدأ إلى الذات ، ويكفي في صدق الانتساب التلبس في الجملة. فلا محالة يكون المشتق موضوعاً للأعم ، وعلى القول بالبساطة فمفهوم المشتق ليس إلا نفس المبدأ المأخوذ لا بشرط فهو ملازم لصدق نفس المبدأ ، ومع انتفائه ينتفي العنوان الاشتقاقي لا محالة ، ويكون حاله حينئذ حال الجوامد في أن المدار في صدق العنوان فعلية المبدأ ، وان كان بينهما فرق من جهة أخرى ، وهي أن شيئية الشيء حيث انها بصورته لا بمادته فالمادة لا تتصف بالعنوان أصلا ، ولذا لا يصح استعمالها في المنقضى عنه وما لم يتلبس به بعد ولو مجازاً. وهذا بخلاف المشتقات ، فان المتصف بالعناوين الاشتقاقية هي الذوات وهي باقية بعد الانقضاء وزوال التلبس فيصح الاستعمال مجازاً ، وحيث ان المختار عندنا القول ببساطة المفاهيم الاشتقاقية فيتعين ان الحق هو وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدإ فعلا. هذا.