بالتركيب ، لا البساطة. وكيف كان فالمشهور بين الفلاسفة والمتأخرين من الأصوليين منهم شيخنا الأستاذ ـ قده ـ بساطة المفاهيم الاشتقاقية ، وقد أصروا على انه لا فرق بينها وبين المبادئ حقيقة وذاتاً ، وانما الفرق بينهما بالاعتبار ولحاظ الشيء مرة لا بشرط ، وبشرط لا مرة أخرى ، خلافاً لجماعة منهم شيخنا المحقق ـ قده ـ وصاحب شرح المطالع فذهبوا إلى التركيب.
ويجب علينا أولاً تحقيق الأمر في أن المفاهيم الاشتقاقية بسيطة أو مركبة؟ ثم على تقدير التركيب فهل هي مركبة من مفهوم الشيء والمبدأ أو من واقعه؟
فنقول : الصحيح هو انها مركبة لا بسيطة ، وتركبها انما هو لأخذ مفهوم الشيء فيها. فلنا دعويان :
(الأولى) : ان مفاهيم المشتقات مركبة ، وغير بسيطة.
(الثانية) : انها مركبة من مفهوم الشيء ، لا من مصداقه.
وأما دعوى انها مركبة من المبدأ ومصداق الشيء والذات فهي باطلة جزماً وذلك لاستلزامها أن يكون المشتق من متكثر المعنى فان الذوات متباينة بالضرورة فإذا قلنا (زيد قائم) و (الجدار قائم) و (الصلاة قائمة) فالذات المأخوذة في كل واحدة من هذه الجمل مباينة للذات المأخوذة في غيرها ، فإذا كان المأخوذ في مفهوم المشتق هو واقع الذات لتكثر مفهوم القائم لا محالة ، فلا مناص من أن يكون الوضع عاماً والموضوع له خاصاً ، وهذا مخالف للفهم العرفي يقيناً ، وقد قدمنا سابقاً ان المشتقات كالجوامد وضعت لمعنى عام ، فيكون الموضوع له فيها كالوضع عاماً ، فلا تكون من متكثر المعنى ، كما ان الجوامد لم تكن معانيها متكثرة.
وعليه فالأمر دائر بين بساطة المفاهيم الاشتقاقية ، وأخذ مفهوم الشيء فيها ، والصحيح هو الثاني. وقبل التكلم في ذلك ينبغي لنا بيان ما هو المراد من الذات المأخوذة في المشتقات.
فنقول : المراد منها ذات مبهمة في غاية الإبهام ، ومعراة عن كل خصوصياً