الشيء في المفاهيم الاشتقاقية يستلزم تكرر الموضوع في قضية (زيد قائم) (الإنسان كاتب) وما شاكلهما ، والتكرر خلاف الوجدان والمتفاهم عرفاً من المشتقات عند استعمالاتها في الكلام.
ولا يخفى انه قد سبق : ان المأخوذ فيها شيء مبهم معرى عن كل خصوصية من الخصوصيات ما عدا قيام المبدأ به ، ولا تعين له إلا بالانطباق على ذوات معينة في الخارج ، ك «زيد» و «عمرو» ونحوهما. وعليه فلا يلزم التكرار في مثل قولنا (زيد قائم) و (الإنسان كاتب) ونحوهما ، بداهة انه لا فرق بين جملة (الإنسان كاتب) وجملة (الإنسان شيء له الكتابة) فكما لا تكرار في الجملة الثانية فكذلك في الأولى على التركيب فان التكرار إعادة عين ما ذكر أولا مرة ثانية ، وهو منتف هنا.
نعم إنما يلزم ذلك لو كان المأخوذ في المشتقات مصداق الشيء وواقعه ، ولكنك عرفت انه غير مأخوذ فيه ، فالمأخوذ هو مفهوم الشيء على نحو الإبهام والاندماج ، وعليه فلا تكرار.
(الرابع) : ما ذكره شيخنا الأستاذ ـ قده ـ من انا لو سلمنا إمكان أخذ الشيء في المبدأ الاشتقاقي إلا انه لم يقع في الخارج ، وذلك لأن الواضع في مقام وضع لفظ لمعنى لا بد له من ملاحظة فائدة مترتبة عليه ، وإلا كان الوضع لغواً فلا يصدر من الواضع الحكيم ، والفائدة المترقبة من أخذ مفهوم الذات في المشتق هي توهم عدم صحة حمله على الذات بدونه ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فان الملاك المصحح للحمل هو اعتبار المبدأ في المشتق لا بشرط على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ، فإذاً يصبح أخذ مفهوم الشيء والذات فيه لغواً محضاً.
ولا يخفى ان أخذ الذات في المشتق مما لا بد منه ، لاحتياج حمل العرض على موضوعه إلى ذلك ، لما سنذكره إن شاء الله تعالى من أن وجود العرض في الخارج مباين لوجود الجوهر فيه ، وان كان وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه إلا انهما لا يكونان متحدين خارجاً ليصح حمل أحدهما على الآخر ، وملاك صحة الحمل