كذا لا ينحصر بالغرض ؛ بل كما يمكن أن يكون بهما ، يمكن أن يكون بالمحمول ، وببيان الفهرس والأبواب إجمالا ؛ بل بالذات تارة ، على حسب اختلاف العلوم والمقامات. هذا كله في موضوع العلم بصورة عامة.
واما الكلام في موضوع هذا العلم ، فقد سبق انه أقمنا البرهان على أنه لا موضوع له واقعاً ، وان حقيقته عبارة عن : (عدة من القضايا والقواعد المتباينة بحسب الموضوع والمحمول التي جمعها في مرحلة التدوين ، اشتراكها في الدخل في غرض واحد) ولو تنزلنا عن ذلك ، وفرضنا أن له موضوعاً ، فما هو الموضوع له؟ قيل : (ان موضوعه الأدلة الأربعة بوصف دليليتها) وهذا القول هو مختار المحقق القمي ـ قده ـ كما هو ظاهر كلامه في أول كتابه ، وقد صرح بذلك في هامشه عليه.
ويرد عليه : ان لازم ذلك خروج المسائل الأصولية عن علم الأصول ، وكونها من مباديه : كمباحث الحجج والأمارات ، ومباحث الاستلزامات العقلية ، والأصول العملية : الشرعية والعقلية ، ومبحث حجية العقل ، وظواهر الكتاب بل مبحث التعادل والترجيح ؛ ما عدا مباحث الألفاظ ، فان كبرى هذه المسألة ـ وهي مسألة حجية الظواهر ـ مسلمة عند الكل ، ولم يخالف فيها أحد ولم يقع البحث عنها في أي علم من العلوم ، فلا كلام فيها.
وإنما الكلام في صغريات هذه الكبرى ، أعني ظهور الألفاظ في شيء وعدم ظهورها فيه ، كالبحث عن ان الأمر أو النهي هل هو ظاهر في الوجوب أو التحريم أم لا؟ وغير ذلك. وعليه فيكون البحث عنها عن عوارض الدليل بما هو دليل ، فانه لا شبهة في دليلية الكتاب والسنة في أنفسهما ، وانما الكلام هناك في تعيين مدلولهما ، وذلك من عوارضهما.
أما خروج مباحث الحجج والأمارات فواضح لأن البحث فيها بأسرها عن الدليليّة وهو بحث عن ثبوت الموضوع لا عن عوارضه الذاتيّة فتدخل ـ إذاً ـ في