الفرق بين المشتق والمبدأ
المشهور بين الفلاسفة هو ان الفرق بين المبدأ والمشتق انما هو باعتبار اللابشرط وبشرط اللا. وقع الكلام في المراد من هاتين الكلمتين (لا بشرط وبشرط لا) وقد فسر صاحب الفصول ـ قده ـ مرادهم منهما بما يراد من الكلمتين في بحث المطلق والمقيد وملخصه : هو ان الماهية مرة تلاحظ لا بشرط بالإضافة إلى العوارض والطواري الخارجية. وأخرى بشرط شيء. وثالثا بشرط لا. فعلى الأول تسمى الماهية مطلقة ولا بشرط. وعلى الثاني تسمى بشرط شيء. وعلى الثالث بشرط لا. وعلى هذا فلو ورد لفظ في كلام الشارع ولم يكن مقيداً بشيء من الخصوصيات المنوعة. أو المصنفة. أو المشخصة وشككنا في الإطلاق ثبوتاً فنتمسك بإطلاقه في مقام الإثبات لإثبات الإطلاق في مقام الثبوت بقانون التبعية إذا تمت مقدمات الحكمة ـ مثلا ـ لو شككنا في اعتبار شيء في البيع كالعربية ، أو اللفظ ، أو نحو ذلك لأمكن لنا التمسك بإطلاق قوله تعالى (أحل الله البيع) لإثبات عدم اعتباره فيه. واما إذا كان مقيداً بشيء من الخصوصيات المتقدمة فنستكشف منه التقييد ثبوتاً بعين الملاك المزبور.
ثم أورد عليهم بان هذا الفرق غير صحيح ، وذلك لأن صحة الحمل وعدم صحتها لا تختلف من حيث اعتبار شيء لا بشرط أو بشرط لا ، لأن العلم. والحركة والضرب. وما شاكلها مما يمتنع حملها على الذوات وان اعتبر لا بشرط الف مرة ، فان ماهية الحركة أو العلم بنفسها غير قابلة للحمل على الشيء ، فلا يقال (زيد علم أو حركة) ومجرد اعتبارها لا بشرط بالإضافة إلى الطواري والعوارض الخارجية لا يوجب انقلابها عما كانت عليه ، فاعتبار اللابشرط وبشرط اللا من هذه الناحية على حد سواء ، فالمطلق والمقيد من هذه الجهة سواء ، وكلاهما آبيان عن الحمل فما ذكروه من الفرق بين المشتق والمبدأ لا يرجع إلى معنى صحيح.