أما الدعوى الأولى فلما ذكرناه سابقاً من أن مفهوم المشتق مركب من ذات لها المبدأ ، وقد أثبتناه بالوجدان والبرهان ، وناقشنا في جميع ما يستدل على البساطة واحداً بعد واحد على ما تقدم.
ثم لو فرضنا أن مفهوم المشتق بسيط فلا مناص من الالتزام بكونه غير مفهوم المبدأ ، ومبايناً له ذاتاً ، وذلك لما عرفت من استحالة حمل مفهوم المبدأ على الذات في حال من الحالات ، وضرورة صحة حمل المشتق بما له من المفهوم عليها في كل حال ونتيجة ذلك أن مفهوم المشتق على تقدير تسليم أن يكون بسيطاً فلا محالة يكون مبايناً لمفهوم المبدأ بالذات.
وأما الدعوى الثانية فيردها الوجوه المتقدمة جميعاً ، وإليك ملخصها :
ـ ١ ـ ان هذا الفرق ليس فارقا بين المشتق ومبدئه ، بل هو بين المصدر واسمه.
ـ ٢ ـ ان وجود العرض مباين لوجود الجوهر ذاتاً فلا يمكن الاتحاد بينهما باعتبار اللابشرط.
ـ ٣ ـ ان هذا لو تم فانما يتم فيما إذا كان المبدأ من الأعراض المقولية دون غيرها
ـ ٤ ـ انا لو سلمنا أنه تم حتى فيما إذا كان المبدأ امراً اعتبارياً أو انتزاعياً إلا انه لا يتم في مثل اسم الآلة والزمان والمكان وما شاكل ذلك.
ما هي النسبة بين المبدأ والذات؟
المبدأ قد يكون مغايراً للذات كما في قولنا (زيد ضارب) ـ مثلا ـ وأخرى يكون عين الذات كما في الصفات العليا له تعالى فيقال : (الله قادر وعالم).
لا إشكال في صحة إطلاق المشتق وجريه على الذات على الأول ، وإنما الكلام في الثاني وانه يصح إطلاقه على الذات أم لا فيقع الإشكال فيه من جهتين :
(الأولى) : اعتبار التغاير بين المبدأ والذات ، ولا يتم هذا في صفاته