وان شئت فقل ان المبدأ فيه عين ذاته المقدسة فلا تغاير بينهما أصلا فلا محالة يكون إطلاقه عليه بمعنى آخر مجازاً وهو ما يكون المبدأ فيه عين الذات فلا يراد من كلمتي العالم والقادر قولنا يا عالم ويا قادر ـ مثلا ـ معناهما المتعارف بل يراد بهما من يكون علمه وقدرته عين ذاته ، وإليه أشار بعض الروايات ان الله تعالى علم كله وقدرة كله وحياة كله ، ولعل هذا هو مراد الفصول من النقل والتجوز. وعليه فلا يلزم من عدم إرادة المعنى المتعارف من صفاته العليا لقلقة اللسان وتعطيل العقول.
واما انه يتم في مفهوم الوجود فلأجل ان إطلاق الموجود عليه تعالى إما أن يكون بمعناه المتعارف وهو الشيء الثابت ، ويعبر عنه في لغة الفرس «هستى» وإما أن يكون بما يقابله وهو المعدوم. وإما أن لا يراد منه شيء أو معنى لا نفهمه فعلى الثاني يلزم تعطيل العالم عن الصانع. وعلى الثالث يلزم تعطيل العقول وان يكون التلفظ به مجرد لقلقة اللسان وألفاظ بلا معنى وكلا الأمرين غير ممكن ، فيتعين الأول.
ما هو المتنازع فيه في المشتق؟
ان كلامنا في مسألة المشتق والغرض من البحث عنها انما هو معرفة مفهومه ومعناه سعة وضيقاً ، كما هو الحال في سائر المباحث اللفظية بمعنى انه موضوع لمفهوم وسيع منطبق على المتلبس والمنقضى معاً ، أو لمفهوم ضيق لا ينطبق إلا على المتلبس فقط. وأما تطبيق هذا المفهوم على موارده واسناده إليها هل هو بنحو الحقيقة أو المجاز فهو خارج عن محل الكلام ، فان الإسناد ان كان إلى ما هو له فهو حقيقة ، وان كان إلى غير ما هو له فهو مجاز. ولا يلزم مجاز في الكلمة في موارد الادعاء والإسناد المجازي ، فان الكلمة فيها استعملت في معناها الحقيقي ، والتصرف انما هو في الإسناد والتطبيق ـ مثلا ـ لو قال : (زيد أسد) فلفظ الأسد استعمل في معناه الموضوع له وهو الحيوان المفترس ، فيكون حقيقة ،