ولكن في تطبيقه على زيد لوحظ نحو من التوسعة والعناية ، فيكون التطبيق مجازاً. وأوضح من ذلك موارد الخطأ ، فإذا قيل : (هذا زيد) ثم بان انه عمرو فلفظ زيد ليس بمجاز ، لأنه استعمل في ما وضع له ، والخطأ انما هو في التطبيق ، وهو لا يضر باستعماله فيه أو قيل : (هذا أسد) ثم بان انه حيوان آخر ، أو إذا رأى أحد شبحاً من بعيد ، وتخيل انه إنسان فقال : (هذا إنسان) ثم ظهر انه ليس بإنسان .. وهكذا. فاللفظ في أمثال هذه الموارد استعمل في معناه الموضوع له ، والتوسع انما هو في التطبيق والإسناد أما ادعاء وتنزيلا ، أو خطأ وجهلا ، وكذا المشتقات ، فان كلمة الجاري في مثل قولنا (النهر جار) أو (الميزاب جار) قد استعملت في معناها الموضوع له ، وهو المتلبس بالجريان ، والمجاز انما هو في اسناد الجري إلى النهر أو الميزاب ، لا في الكلمة ، وهذا من دون فرق بين أن يكون مفهوم المشتق مركباً أو بسيطاً ، كما هو واضح.
ومن هنا يظهر ما في كلام الفصول من أنه يعتبر في صدق المشتق واستعماله في ما وضع له حقيقة أن يكون الإسناد والتطبيق أيضاً حقيقياً ، فاستعمال المشتق في مثل قولنا (الميزاب جار) ليس استعمالا في معناه الحقيقي ، فان التلبس والإسناد فيه ليس بحقيقي ، وذلك لأن ما ذكره ـ قده ـ مبنى على الخلط بين المجاز في الكلمة ، والمجاز في الإسناد بتخيل ان الثاني يستلزم الأول ، مع ان الأمر ليس كذلك ، فان كلمتي «سائل وجار» في مثل قولنا (الميزاب جار) أو (النهر سائل) استعملتا في في معناهما الموضوع له ، وهو المتلبس بالمبدإ فعلا ، غاية الأمر تطبيق هذا المعنى على النهر أو الميزاب انما هو بنحو من التوسعة والعناية ، وهذا معنى مجاز في الإسناد دون الكلمة. فما أفاده ـ قده ـ من اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة في غير محله.
يتلخص هذا البحث حول الموضوعات المتقدمة في عدة أمور :
(الأول) : ان محل البحث في مفاهيم المشتقات هو بساطتها وتركيبها بحسب