في شيء بل هي مترتبة عليه فلا بد حينئذ من تحقيق معناه وانه ما هو الّذي تترتب عليه تلك الملازمة؟
(القول الثاني) : ان حقيقة الوضع عبارة عن اعتبار وجود اللفظ وجود تنزيلياً للمعنى ، فهو هو في عالم الاعتبار وان لم يكن كذلك حقيقة.
بيان ذلك : ان الموجود على قسمين : أحدهما ما له وجود تكويني عيني في نظام التكوين والعين ، كالمقولات الواقعية من الجواهر والاعراض. والثاني ما له وجود اعتباري فهو موجود في عالم الاعتبار وان لم يكن موجوداً في الخارج ، وذلك كالأمور الاعتبارية الشرعية أو العرفية من الأحكام التكليفية والوضعيّة ، وقد قيل إن حقيقة العلقة الوضعيّة من قبيل القسم الثاني بمعنى أن الواضع جعل وجود اللفظ وجوداً للمعنى في عالم الاعتبار واعتبره وجوداً تنزيلياً له في ذلك العالم دون عالم الخارج والعين كالتنزيلات الشرعية أو العرفية مثل قوله عليهالسلام : «الطواف في البيت صلاة» وقوله عليهالسلام : «الفقاع خمر استصغره الناس» ونحوهما. ومن ثمة يكون نظر المستعمل إلى اللفظ آلياً في مرحلة الاستعمال ، وإلى المعنى استقلالياً بحيث لا يرى في تلك المرحلة إلا المعنى ولا ينظر إلا إليه.
وإن شئت قلت : إن الوضع لأجل الاستعمال ومقدمة له ، فهمّ المستعمل في هذه المرحلة إيجاد المعنى باللفظ وإلقائه إلى المخاطب ، فلا نظر ولا التفات له إلا إليه. ويرد عليه
أولا : أن تفسيرها بهذا المعنى تفسير بمعنى دقيق بعيد عن أذهان عامة الواضعين غاية البعد ولا سيما القاصرين منهم كالأطفال والمجانين الذين قد يصدر الوضع منهم عند الحاجة ، بل قد يصدر الوضع من بعض الحيوانات أيضا ؛ وكيف كان فحقيقة الوضع حقيقة عرفية سهل التناول والمأخذ ، فلا تكون بهذه الدقة التي تغفل عنها أذهان الخاصة فضلا عن العامة.
وثانياً ان الغرض الداعي إلى الوضع ، هو استعمال اللفظ في المعنى الموضوع