بإفادة الخصوصيات والكيفيات المتعلقات بالمفاهيم الاسمية.
(القول الثاني) : ان الحروف لم توضع لمعنى وانما وضعت لتكون علامة على كيفية إرادة مدخولاتها نظير حركات الإعراب التي لم توضع لمعنى وإنما وضعت لتكون قرينة على إرادة خصوصية من خصوصيات مدخولها من الفاعلية والمفعولية ونحوهما. فكما ان كل واحد من حركات الإعراب يفيد خصوصية متعلقة بمدخوله ، فان (الفتحة) تفيد خصوصية في مدخولها (والكسرة) تفيد خصوصية أخرى فيه (والضمة) تفيد خصوصية ثالثة فيه ، فكذلك كل واحد من الحروف فان كلمة (في) تفيد إرادة خصوصية في مدخولها غير ما تفيده كلمة (على) من الخصوصية وهكذا ؛ من دون ان تكون لها معان مخصوصة قد وضعت بإزائها.
ولكن هذا القول لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأن الخصوصيات التي دلت عليها الحروف والأدوات هي بعينها المعاني التي وضعت الحروف بإزائها إذ المفروض ان تلك المعاني ليست مما تدل عليه الأسماء ، لعدم كونها مأخوذة في مفاهيمها ، فانحصر ان يكون الدال عليها هو الحروف ؛ ومن الواضح ان دلالتها عليها ليست إلا من جهة وضعها بإزائها ، وعليه فلا معنى للقول بأنها لم توضع لمعنى وانما وضعت لكذا ؛ بل هذا يشبه الجمع بين المتناقضين. وعلى كل حال فبطلان هذا القول من الواضحات الأولية. ومنه ظهر حال المقيس عليه وهو حركات الإعراب بلا زيادة ونقيصة.
(القول الثالث) : ما اختاره جماعة من المحققين (قدسسرهم) وهو ان المعاني الحرفية والمفاهيم الاسمية متباينتان بالذات والحقيقة ؛ ولكنهم اختلفوا في كيفية هذا التباين وما به الامتياز : فقد ذهب شيخنا الأستاذ ـ قده ـ إلى التباين بينهما بالإيجادية والإخطارية بمعنى ان المفاهيم الاسمية بأجمعها مفاهيم إخطارية ومتقررة في عالم المفهومية ومستقلة بحد ذاتها وهويتها في ذلك العالم ؛ والمعاني الحرفية