فنفي الأولى يستلزم إثبات الثانية. ولكنك عرفت أنه لا مقابلة بينهما أصلا ، ومعه لا يكون نفي الإيجادية عن المعاني الحرفية مستلزماً لإخطاريتها ، فان ملاك إخطارية المعنى الاستقلال الذاتي ، فإذا كان كذلك يخطر في الذهن عند التعبير عنه سواء كان في ضمن تركيب كلامي أم لم يكن ، وملاك عدم الإخطارية عدم الاستقلال كذلك ، ولذا لا يخطر في الذهن عند التكلم به منفرداً ، وهذا غير كونه إيجادياً وعليه فلا مقابلة بينهما.
وأما الركن الثاني وهو أنه لا واقع للمعاني الحرفية بما هي معان حرفية في ما عدا التراكيب الكلامية ، فلما بيناه من أنها كالمعاني الاسمية ثابتة ومتقررة في عالم المفهومية ، سواء استعملت الحروف والأدوات فيها أم لم تستعمل ، غاية الأمر لا استقلال لها بحسب الذات.
وأما الركن الثالث وهو الفرق بين الإيجاد في الإنشاء والإيجاد في الحروف فيظهر فساده بما ذكرناه من أن معانيها ليست إيجادية ليكون الفرق بينهما مبتنياً على ما ذكره ـ قده ـ من أنه لا وعاء لها غير الاستعمال والتركيب الكلامي ، وهذا بخلاف الإيجاد في الإنشاء فان له وعاء مناسباً وهو عالم الاعتبار.
وأما الركن الرابع وهو أن حال المعاني الحرفية حال الألفاظ حين استعمالاتها فيتضح بطلانه أيضا بما تقدم.
ثم إن من الغريب جداً أنه ـ قده ـ جعل هذا الركن هو الركن الوطيد في المقام ، وذكر أن بانهدامه تنهدم الأركان كلها ، فان المعنى الحرفي لو كان ملتفتاً إليه لكان إخطاريا وكان له واقع غير التركيب الكلامي. وذلك لأنه مضافاً إلى ما بيناه من أن المعنى الحرفي كالمعنى الاسمي مقصود في مقام التفهيم أن الملاك في إخطارية المعنى استقلاليته بالذات كما عرفت لا الالتفات إليه واللحاظ الاستقلالي ، ضرورة أن الالتفات إلى المعنى لا يجعله إخطاريا ، إذا لم يكن مستقلا بحد ذاته ، بحيث كلما يطلق يخطر في الذهن ولو كان وحده ولم يكن في ضمن تركيب كلامي ، ومن هنا قلنا :