واحد حقيقة ، وذلك الوجود الواحد من جهة انتسابه إلى الطبيعي متعلق لليقين ، ومن جهة انتسابه إلى الفرد متعلق للشك. أو إذا أثبتنا ان للعالم مبدأ ، ولكن شككنا في انه واجب أو ممكن على القول بعدم استحالة التسلسل فرضاً ؛ أو أثبتنا أنه واجب ولكن شككنا في أنه مريد أو لا؟ إلى غير ذلك مع ان صفاته تعالى عين ذاته خارجاً وعيناً كما أن وجوبه كذلك.
وما نحن فيه من هذا القبيل فان اليقين متعلق بثبوت طبيعي العرض للجوهر ، والشك متعلق بثبوت حصة خاصة منه له ، فليس هنا وجودان أحدهما متعلق لليقين والآخر للشك ، بل وجود واحد حقيقة مشكوك فيه من جهة ومتيقن من جهة أخرى.
تلخص : ان تضاد صفتي اليقين والشك لا يستدعى إلا تعدد متعلقهما في أفق النّفس ، وأما في الخارج عنه فقد يكون متعدداً وقد يكون متحداً.
وان شئت فقل : ان الممكن في الخارج إما جوهر أو عرض ، وكل منهما زوج تركيبي ـ يعنى مركب من ماهية ووجود ـ ولا ثالث لهما ، والمفروض أن ذلك الوجود ـ أي الوجود الرابط ـ سنخ وجود لا ماهية له ، فلا يكون من أقسام الجوهر ولا من أقسام العرض ، والمفروض انه ليس في الخارج موجود آخر لا يكون من أقسام الجوهر ولا العرض.
واما الكلام في المقام الثاني على تقدير تسليم ان للنسبة والرابط وجوداً في الخارج في مقابل الجوهر والعرض ، فلا نسلم ان الحروف والأدوات موضوعة لها ، لما بيناه سابقاً من ان الألفاظ موضوعة لذوات المفاهيم والماهيات لا للموجودات الخارجية ولا الذهنية ، فان الأولى غير قابلة للإحضار في الذهن وإلا فلا تكون بخارجية ، والثانية غير قابلة للإحضار ثانياً ، فان الموجود الذهني لا يقبل وجوداً ذهنياً آخر ، والمفروض ان الغرض من الوضع التفهيم والتفهم وهو لا يجتمع مع الوضع للموجود الذهني أو الخارجي ، بل لا بد أن يكون الوضع لذات المعنى