ويدخل فيه مبحث الظن الانسدادي ـ بناء على الحكومة ـ.
فالنتيجة المتحصلة إلى الآن هي ان المسائل الأصولية وقواعدها ، على أقسام أربعة : الأول ما يثبت الحكم الشرعي بعلم وجداني. الثاني ما يثبته بعلم جعلي تعبدي ، وهذا القسم على ضربين ـ كما مر ـ. الثالث ما يعين الوظيفة العملية الشرعية بعد اليأس عن الظفر بالقسمين المتقدمين. الرابع ما يعين الوظيفة العلمية بحسب حكم العقل في فرض فقدان الوظائف الشرعية (يعني الأقسام الثلاثة المتقدمة) ، وعدم الظفر بشيء منها. فهذا كله فهرس المسائل الأصولية وترتيبها الطبيعي.
ومن هنا ظهر فائدة علم الأصول وهي : (تعيين الوظيفة في مقام العمل الّذي هو موجب لحصول الأمن من العقاب). وحيث ان المكلف الملتفت إلى ثبوت الأحكام في الشريعة يحتمل العقاب وجدانا ، فلا محالة يلزمه العقل بتحصيل مؤمن منه ، وحيث أن طريقه منحصر بالبحث عن المسائل الأصولية ، فإذاً يجب الاهتمام بها ، وبما ان البحث عنها منحصر بالمجتهدين دون غيرهم فيجب عليهم تنقيحها وتعيين الوظيفة منها في مقام العمل لنفسهم ولمقلديهم حتى يحصل لهما الأمن في هذا المقام.
الأمر الثاني : في تعريف علم الأصول ، وهو : (العلم بالقواعد التي تقع بنفسها في طريق استنباط الأحكام الشرعية الكلية الإلهية من دون حاجة إلى ضميمة كبرى أو صغرى أصولية أخرى إليها) وعليه فالتعريف يرتكز على ركيزتين وتدور المسائل الأصولية مدارهما وجوداً وعدماً :
الركيزة الأولى : ان تكون استفادة الأحكام الشرعية الإلهية من المسألة من باب الاستنباط والتوسيط لا من باب التطبيق (أي تطبيق مضامينها بنفسها على مصاديقها) كتطبيق الطبيعي على افراده.
والنكتة في اعتبار ذلك في تعريف علم الأصول ، هي الاحتراز عن القواعد الفقهية فانها قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية ، ولا يكون ذلك من باب الاستنباط والتوسيط بل من باب التطبيق ، وبذلك خرجت عن التعريف.