القسم من الحروف حال الجمل الإنشائية ، كما أن القسم الأول منها حاله حال الهيئات الناقصة. هذا تمام الكلام في المقام الأول.
واما الكلام في المقام الثاني وهو : (أن الموضوع له في الحروف عام أو خاص؟) فيتضح مما بيناه في المقام الأول ، فان نتيجة ذلك أن الموضوع له فيها خاص والوضع عام. اما في الطائفة الأولى فلأنها لم توضع بإزاء مفاهيم التضييقات والتحصصات لأنها من المفاهيم الاسمية الاستقلالية في عالم مفهوميتها ، بل لواقعها وحقيقتها ـ أي ما هو بالحمل الشائع تضييق وتحصص ـ ومفاهيمها ليست بهذا الحمل تضييقاً وإن كان لذلك بالحمل الأولى الذاتي. نعم لا بد من أخذ تلك المفاهيم بعنوان المعرف والآلة للحاظ أفرادها ومصاديقها إجمالا حتى يمكن الوضع بإزائها.
وبتعبير آخر : انه كما لا يمكن أن يكون وضعها خاصاً كالموضوع له لما تقدم من أن حصص المعنى الواحد غير متناهية فضلا عن المعاني الكثيرة ، فلا يمكن تصور كل واحد منها على وجه التفصيل ، كذلك لا يمكن أن يكون الموضوع لها عاماً كالوضع ، فانه لا يعقل ذلك إلا أن توضع لمفاهيم الحصص والتضييقات ؛ والمفروض أنها من المفاهيم الاسمية وليست من المعاني الحرفية في شيء ، ولا جامع مقولي بين أفراد التضييق وأنحائه لتوضع بإزائه ، فلا بد حينئذ من أن نلتزم بكون الموضوع له فيها خاصاً والوضع عاماً ، بأن نقول : إن كل واحد من هذه الحروف موضوع لسنخ خاص من التضييق في عالم المعنى ، فكلمة (في) لسنخ من التضييق (وهو سنخ التضييق الأيني) ؛ وكلمة (على) لسنخ آخر منه (وهو سنخ التضييق الاستعلائي ؛ وكلمة (من) لسنخ ثالث منه (وهو سنخ التضييق الابتدائي) وهكذا سائر هذه الحروف.
ومن هنا يظهر أن الموضوع له في الهيئات الناقصة كهيئات المشتقات وهيئة الإضافة والتوصيف أيضا من هذا القبيل ـ يعنى أن الوضع فيها عام والموضوع له خاص ـ لما عرفت من عدم الفرق بينها وبين هذا القسم من الحروف ـ أصلا ـ.