الواجب والممكن والممتنع والأمور الاعتبارية على نحو واحد ، هذا تمام الكلام في تحقيق معنى الجملة الخبرية.
واما الكلام في المقام الثاني فالصحيح هو ان الجملة الإنشائية موضوعة لإبراز أمر نفساني غير قصد الحكاية ولم توضع لإيجاد المعنى في الخارج. والوجه في ذلك هو انهم لو أرادوا بالإيجاد الإيجاد التكويني كإيجاد الجوهر والعرض فبطلانه من الضروريات التي لا تقبل النزاع ، بداهة ان الموجودات الخارجية بشتى أشكالها وأنواعها ، ليست مما توجد بالإنشاء ، كيف والألفاظ ليست واقعة في سلسلة عللها وأسبابها كي توجد بها.
وان أرادوا به الإيجاد الاعتباري كإيجاد الوجوب والحرمة أو الملكية والزوجية وغير ذلك ، فيرده انه يكفي في ذلك نفس الاعتبار النفسانيّ من دون حاجة إلى اللفظ والتكلم به ، ضرورة ان اللفظ في الجملة الإنشائية لا يكون علة لإيجاد الأمر الاعتباري ، ولا واقعاً في سلسلة علته ، فانه يتحقق بالاعتبار النفسانيّ ، سواء كان هناك لفظ يتلفظ به أم لم يكن؟
نعم اللفظ مبرز له في الخارج لا انه موجد له ، فوجوده بيد المعتبر وضعاً ورفعاً فله ان يعتبر الوجوب على ذمة أحد وله ان لا يعتبر وله ان يعبر ملكية مال لشخص وله ان لا يعتبر ذلك وهكذا.
واما الاعتبارات الشرعية أو العقلائية فهي وان كانت مترتبة على الجمل الإنشائية ، إلا ان ذلك الترتب انما هو فيما إذا قصد المنشئ معاني هذه الجمل بها لا مطلقاً ، والمفروض في المقام ان الكلام في تحقيق معانيها ، وفيما يترتب عليه تلك الاعتبارات.
وبتعبير آخر ان الجمل الإنشائية وان كانت مما يتوقف عليها فعلية تلك الاعتبارات وتحققها خارجاً ، ولكن لا بما انها ألفاظ مخصوصة ، بل من جهة انها استعملت في معانيها.