استعمال اللفظ في المعنى المجازي
الأمر الخامس اختلفوا : في ان ملاك صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وما يناسب الموضوع له ، هل هو بالطبع أو بالوضع أعني ترخيص الواضع في الاستعمال لوجود علقة من العلائق وجهان بل قولان : فذهب المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ إلى الأول ، بدعوى ان ملاك صحة ذلك الاستعمال قبول الطبع له وكونه حسناً عند العرف ، فأي استعمال مجازي كان حسناً عندهم وقبله الطبع السليم فهو صحيح وان فرض ان الواضع لم يأذن فيه ، بل وان منع عنه ، وكل استعمال لم يقبله الطبع فهو غير صحيح وان اذن الواضع فيه فإطلاق لفظ القمر على حسن الوجه واستعماله فيه صحيح وان فرض ان الواضع لم يأذن فيه ، بل منع عنه هذا.
وذهب المشهور إلى الثاني وان ملاك صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي اذن الواضع وترخيصه ، سواء كان مما يقبله الطبع أم لا؟
وعلى الجملة فعلى القول الأول تدور صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي وعدم صحته مدار حسنه طبعاً وعرفاً وعدم حسنه كذلك ، سواء أكان هناك اذن نوعي من من الواضع أيضاً أم لم يكن؟ وعلى القول الثاني تدور مدار الوضع النوعيّ وجوداً وعدماً كان حسناً عند الطبع والعرف أيضاً أم لم يكن؟
التحقيق في المقام أن يقال : ان البحث عن ذلك يبتنى على إثبات امرين :
(الأول) : وجود الاستعمالات المجازية في الألفاظ المتداولة بين العرف.
(الثاني) : انحصار الواضع بشخص واحد أو جماعة وإلا فلا مجال لهذا البحث ، فانا إذا التزمنا بان كل مستعمل واضع حسب تعهده فهو لم يتعهد إلا بإرادة المعنى الموضوع له عند عدم القرينة على الخلاف ، واما مع وجود القرينة فلا مانع من الاستعمال ، وحيث لم يثبت كلا الأمرين فلا موضوع لهذا البحث.