عبارة عن التعهد والالتزام النفسانيّ ، وعليه فلا اتحاد بينهما لا حقيقة وواقعاً ولا عناية ومجازاً ، ليكون وجود اللفظ وجوداً تنزيلياً له ، واما مسألة سراية القبح والحسن فهي لا ترتكز على النظرية المزبورة ، بل هي من ناحية كون اللفظ كاشفاً عنه ودالاً عليه ، ومن الطبيعي أنه يكفي لذلك وجود العلاقة الكاشفية بينهما ، ولا فرق في وجود هذه العلاقة بين نظرية دون أخرى في مسألة الوضع.
وبعد ذلك نقول : ان مدلول الجمل الإنشائية على كلتا النظريتين ليس من سنخ الكلام النفسيّ عند القائلين به. اما على نظرية المشهور فواضح ، لما عرفت من ان الكلام النفسيّ عندهم عبارة عن صفة قائمة بالنفس في مقابل سائر الصفات النفسانيّة ، وقديم كغيرها من الصفات الأزلية وبطبيعة الحال ان إيجاد المعنى باللفظ فاقد لهاتين الركيزتين معاً : اما الركيزة الأولى فلأنه ليس من الأمور النفسانيّة ، ليكون قائماً بها. واما الثانية فلفرض انه حادث بحدوث اللفظ ، وليس بقديم. واما على نظريتنا فائضا الأمر كذلك ، فان إبراز الأمر الاعتباري ليس من الأمور النفسانيّة أيضا.
فالنتيجة لحد الآن أنه لا يعقل في موارد الجمل الخبرية ، والإنشائية ما يصلح ان يكون من سنخ الكلام النفسيّ ، ومن هنا قلنا أنه لا يخرج عن مجرد وهم وخيال ، فلا واقع موضوعي له.
ثم أنه قد يتوهم ان صورة الكلام اللفظي التمثلة في أفق النّفس هي كلام نفسي ، ولكن هذا التوهم خاطئ ، لسببين : (الأول) ان هذه الصورة وان كانت موجودة في أفق النّفس ، ومتمثلة فيه ، إلا أنها ليست بكلام نفسي ، ضرورة ان الكلام النفسيّ عند القائلين به مدلول للكلام اللفظي ، والمفروض ان تلك الصورة بهذا الإطار الخاصّ ليست كذلك ، لما عرفت من ان مدلول الكلام سواء أكان إخبارياً أم إنشائياً أجنبي عنها