وأما الثانية فلأنه لا دليل على أخذ الأهمية في معنى الأمر بحيث يكون استعماله فيما لا أهمية له مجازاً ، وذلك لوضوح ان استعماله فيه كاستعماله فيما له أهمية في الجملة من دون فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
وان شئت قلت ان الأهمية لو كانت مأخوذة في معناه لكانت متبادرة منه عرفاً عند إطلاقه ، وعدم نصب قرينة على الخلاف ، مع انها غير متبادرة منه كذلك ، ومن هنا صح توصيفه بما لا أهمية له ، وبطبيعة الحال انها لو كانت داخلة في معناه لكان هذا تناقضاً ظاهراً ، فالنتيجة ان نظرية المحقق النائيني (قده) في موضوع بحثنا نظرية خاطئة ولا واقع موضوعي لها.
ويمكن أن نقول : ان مادة الأمر موضوعة لغة لمعنيين ، على سبيل الاشتراك اللفظي :
أحدهما ـ الطلب في إطار خاص ، وهو الطلب المتعلق بفعل الغير ، لا الطلب المطلق الجامع بين ما يتعلق بفعل غيره وما يتعلق بفعل نفسه ، كطالب العلم ، وطالب الضالة ، وطالب الحق ، وما شاكل ذلك. والسبب فيه ان مادة الأمر ـ بما لها من معنى ـ لا تصدق على الحصة الثانية وهي المتعلقة بفعل نفس الإنسان ، وهذا قرينة قاطعة على انها لم توضع للجامع بينهما. ومن هنا يظهر ان النسبة بين الأمر والطلب عموم مطلق.
وثانيهما ـ الشيء الخاصّ وهو الّذي يتقوم بالشخص من الفعل أو الصفة أو نحوهما في مقابل الجواهر وبعض أقسام الاعراض وهي بهذا المعنى قد تنطبق على الحادثة ، وقد تنطبق على الشأن ، وقد تنطبق على الغرض وهكذا.
الدليل على ما ذكرناه امران : أحدهما ـ ان لفظ الأمر بمعناه الأول قابل للتصريف والاشتقاق ، فتشتق منه الهيئات والأوزان المختلفة ، كهيئة