واما القسم الثاني ـ وهو ما إذا كان أحد الخطابين ناظراً إلى رفع موضوع الخطاب الآخر ـ فهو على نحوين :
أحدهما ـ ما إذا كان أحد الخطابين رافعا لموضوع الخطاب الآخر بامتثاله إتيانه في الخارج.
ثانيهما ـ ما إذا كان رافعا له بصرف وجوده وتحققه في الخارج.
اما النحو الأول فهو من محل الكلام ـ هنا ـ جوازاً وامتناعا ، باعتبار أن توجه خطابين كذلك إلى شخص واحد في زمان واحد هل يستلزم طلب الجمع بين متعلقيهما في الخارج كما تخيله المنكرون للترتب ، أو لا يستلزم ذلك كما هو الصحيح؟ وقد تقدم الكلام في هذا النحو من الخطابين ضمن عدة من الفروعات الفقهية بصورة مفصلة ، فلا حاجة إلى الإعادة.
واما النحو الثاني وهو ما إذا كان الخطاب بصرف وجوده رافعا لموضوع الآخر ، فهو خارج عن محل البحث والكلام ، وذلك لامتناع اجتماع الخطابين ـ حينئذ ـ في زمان واحد ، إذا المفروض انه بمجرد تحقق أحد الخطابين يرتفع الخطاب الآخر بارتفاع موضوعه ، فلا يمكن فرض اجتماعهما في زمان واحد ، بداهة ان فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه ، ومن الواضح انها مستحيلة في فرض وجود الرافع لموضوعه ، فيكون المقام نظير الأمارات القائمة في موارد الأصول ، فانها رافعة لموضوعها ، ولا يبقى مجال لجريانها بعد ورودها. وقد عرفت أن محل البحث ـ هنا ـ هو ما إذا كان الخطابان مجتمعين في زمان واحد ، واما إذا لم يكونا مجتمعين فيه فلا يكونان داخلين في محل البحث وقد ذكر (قده) لذلك فروع كثيرة :
١ ـ مسألة الحج : ببيان ان موضوعها ـ وهو الاستطاعة ـ يرتفع بصرف تحقق خطاب آخر وهو الخطاب بأداء الدين ـ مثلا ـ فانه بمحض وجوده رافع لموضوع الخطاب بالحج ، ومعه لا يكون المكلف مستطيعا إذا لم يكن المال الموجود عنده وافيا