أصلا ، ولا يكون الإتيان بمتعلقه في هذا الحال مزاحماً بأي شيء ، غاية ما في الباب ان المكلف من جهة سوء سريرته عصى الأمر بالأهم ، ولم يعمل بمقتضاه فلا يكون عصيانه مستنداً إلى مزاحمة الأمر بالمهم ، كيف فان الأمر به قد تحقق في فرض عصيانه وتقدير وجوده فلا يعقل ان يكون عصيانه مستنداً إليه ، بل هو مستند إلى اختيار المكلف إياه ، وعند ذلك أي اختيار المكلف عصيانه وترك متعلقه يتحقق الأمر بالمهم. وعليه فلا يمكن ان يكون مثل هذا الأمر طارداً ومزاحما له ، فالطرد من جانب الأمر بالمهم غير معقول ، فاذن المطاردة من الجانبين غير متحققة.
واما الطرد من جانب الأمر بالأهم فحسب فهو أيضاً غير متحقق ، والوجه في ذلك هو ان الأمر بالأهم انما يطارد الأمر بالمهم فيما إذا فرض كونه ناظراً إلى متعلقه ومستدعياً لهدمه ، فحينئذ لا محالة يكون طاردا له باعتبار انه يقتضى إيجاد متعلقه في الخارج ، وذاك يقتضى هدمه ، وبما انه أهم فيطارده ، ولكن الفرض انه غير ناظر إليه ، وانما هو ناظر إلى موضوعه ومقتض لرفعه.
وعلى هذا فلا تنافي بينهما أصلا ليكون الأمر بالأهم طارداً للأمر بالمهم ، إذ المفروض ان الأمر بالمهم لا يقتضى وجود موضوعه في الخارج وغير متعرض لحاله أصلا لا وجوداً ولا عدماً ، ومعه كيف يكون الأمر بالأهم طارداً له ، بداهة ان الطرد لا يتصور إلا في مورد المزاحمة ، ولا مزاحمة بين ما لا اقتضاء فيه بالإضافة إلى شيء أصلا وما فيه اقتضاء بالإضافة إليه!
وقد تحصل من ذلك ان ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قده) في المقام لا يرجع إلى معنى معقول.
نعم ما أفاده (قده) من ان استحالة طلب المحال لا تختص بحال دون حال متين جداً كما تعرضنا آنفاً إلا انه أجنبي عن محل الكلام بالكلية.
الثاني أيضاً ما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قده) وإليك لفظه.
ثم انه لا أظن ان يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق في