من ان وجوب التعلم والاحتياط طريقي لا نفسي.
واما النقطة الثالثة وهي استحالة أخذ النسيان في موضوع الحكم فهي في غاية الجودة والاستقامة. وقد تعرضنا لها في الدورة السابقة في آخر بحث البراءة والاشتغال بصورة مفصلة فلا حاجة إلى الإعادة هنا ، ويأتي الكلام فيها في محلها إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني ـ ما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قده) وإليك نصّ كلامه :
قلت : إنما حكم بالصحّة لأجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمة في حد ذاتها وان كانت دون مصلحة الجهر والقصر ، وانما لم يؤمر بها لأجل انه امر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل والأتم. واما الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة ، فانها بلا فائدة ، إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي كانت في المأمور بها ، ولذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا مع تمكنه من التعلم فقد قصر ، ولو علم بعده وقد وسع الوقت. فانقدح انه لا يتمكن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الإتمام ، ولا من الجهر كذلك بعد فعل صلاة الإخفات ، وان كان الوقت باقياً.
ان قلت على هذا يكون كل منهما في موضع الآخر سبباً لتفويت الواجب فعلا ، وما هو سبب لتفويت الواجب كذلك حرام ، وحرمة العبادة موجبة لفسادها بلا كلام. قلت ليس سبباً لذلك غايته انه يكون مضاداً له. وقد حققنا في محله ان الضد وعدم ضده متلازمان ليس بينهما توقف أصلا. لا يقال علي هذا فلو صلى تماماً أو صلى إخفاتاً في موضع القصر والجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما لكانت صلاته صحيحة ، وان عوقب على مخالفة الأمر بالقصر أو الجهر ، فانه يقال لا بأس بالقول به لو دل دليل على انها تكون مشتملة ولو مع العلم ، لاحتمال اختصاص ان يكون كذلك في صورة الجهل ، ولا بعد أصلا في اختلاف الحال فيها باختلاف حالتي العلم بوجوب شيء والجهل به كما لا يخفى.