ومرة أخرى يقع من ناحية ان المهم إذا كان موسعاً وكان بعض افراده مزاحماً بالأهم ، أيمكن إثبات صحته بالترتب أم لا؟
اما الكلام في الناحية الأولى فقد ذكرنا ان القدرة لم تؤخذ في متعلق التكليف أصلا ، لا من جهة حكم العقل بقبح تكليف العاجز ، ولا من جهة اقتضاء نفس التكليف ذلك ، وانما هي معتبرة في ظرف الامتثال والإطاعة ضرورة ان العقل لا يحكم بأزيد من اعتبارها في تلك المرحلة وقد تقدم الكلام في ذلك بصورة مفصلة وقد أوضحنا هناك بطلان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من وجوه فلاحظ.
واما الكلام في الناحية الثانية فجريان الترتب فيه يبتنى على وجهة نظر شيخنا الأستاذ (قده) من ان استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق ، وبما ان تقييد المهم في المقام بخصوص الفرد المزاحم محال فإطلاقه بالإضافة إليه أيضاً محال. وعليه فلا يمكن الحكم بصحته من جهة الإطلاق ، فلا محالة تبتنى صحته على القول بالترتب مع قطع النّظر عن كفاية الملاك غاية الأمر ان الترتب هنا انما هو في إطلاق الواجب المهم بمعنى ان إطلاقه مترتب على ترك الواجب الأهم ، وهذا بخلاف الترتب في غير المقام ، فان هناك أصل الخطاب بالمهم مترتب على ترك امتثال الخطاب بالأهم ، لا إطلاقه. وعلى كل حال فالترتب في المقام مبتن على مسلكه (قده).
ولكن قد ذكرنا غير مرة ان التقابل بين الإطلاق والتقييد من تقابل التضاد فاستحالة أحدهما في مورد لا يستلزم استحالة الآخر وعليه فلا يتوقف الحكم بصحته على القول بجواز الترتب» ضرورة انه عندئذ يمكن الإتيان به بداعي امتثال الأمر المتعلق بالطبيعة.
وعلى الجملة فجريان الترتب فيما إذا كان الواجب المهم موسعاً والأهم مضيقاً يرتكز على أحد امرين :
الأول ـ دعوى اقتضاء نفس التكليف اعتبار القدرة في متعلقه وانه يوجب تقييده بحصة خاصة وهي الحصة المقدورة.