وهذا لا يمنع عن صحة وضوئه أو غسله بعد ما كان الماء الموجود في يده مباحاً. وهذا ظاهر.
أقول : التحقيق على ما هو الصحيح من عدم اتحاد المأمور به مع المنهي عنه خارجاً صحة الوضوء أو الغسل على كلا التقديرين.
وبيان ذلك يقتضى دراسة نواحي عديدة :
الأولى ـ صورة انحصار الماء بأحد الأواني المزبورة ، مع عدم تمكن المكلف من تفريغ الماء منها في إناء آخر على نحو لا يصدق عليه الاستعمال.
الثانية ـ ما إذا تمكن المكلف من تفريغه في إناء آخر من دون ان يصدق عليه الاستعمال.
الثالثة ـ صورة عدم انحصار الماء فيها ، ووجود ماء آخر عنده يكفى لوضوئه أو غسله.
اما الكلام في الناحية الأولى فيقع في موردين :
الأول ـ ما إذا أخذ المكلف الماء من هذه الأواني دفعة واحدة بمقدار يفي لوضوئه أو غسله.
الثاني ـ ما إذا أخذ الماء منها غرفة غرفة.
اما الأول ـ فالظاهر انه لا إشكال في صحة الوضوء أو الغسل به ضرورة ان المكلف بعد أخذ الماء منها صار واجداً للماء وجداناً ومتمكناً من استعماله عقلا وشرعاً ، ولا نرى في استعمال هذا الماء في الوضوء أو الغسل أي مانع ، هذا نظير ما إذا توقف التمكن من استعمال الماء على التصرف في أرض مغصوبة ، ولكن المكلف بسوء اختياره تصرف فيها ووصل إلى الماء وبعد وصوله إليه لا إشكال في انه واجد للماء ووظيفته عندئذ هي الوضوء أو الغسل ، دون التيمم وان كان قبل التصرف فيها أو قبل الأخذ ـ هنا ـ هو فاقد للماء وكانت وظيفته التيمم دون غيره ولكن بعد التصرف فيها أو بعد الأخذ منها انقلب الموضوع وصار الفاقد واجداً