عصيانه ، بناء على ما ذكرناه من صحة الترتب وجوازه ، وان وجود القدرة في ظرف الإتيان بالاجزاء اللاحقة شرط لوجوب الاجزاء السابقة على نحو الشرط المتأخر.
ومن المعلوم انه لا فرق في ذلك بين ان القدرة تبقى من الابتداء ، أو تحدث في ظرف الإتيان بها ، وقد عرفت انه لا دليل على اعتبار القدرة بأزيد من ذلك.
وبتعبير واضح انه لا ينبغي الإشكال في كفاية القدرة بالتدريج على الواجبات المركبة على شكل تدرج اجزائها بان تحدث القدرة على كل جزء منها في ظرفه ـ مثلا ـ إذا فرض أن عند المكلف ماء قليلا لا يفي إلا بغسل وجهه فقط ، ولكنه يعلم بنزول المطر من جهة اخبار معصوم عليهالسلام ـ مثلا ـ أو قرينة قطعية أخرى فلا إشكال في صحة غسله وجهه بقصد الوضوء لتمكنه عندئذ من غسل بقية الأعضاء بعد غسل وجهه ، أو لو كان عنده ثلج يذوب شيئاً فشيئاً ، وليس عنده إناء ليجمعه فيه ففي مثل ذلك يتمكن من الوضوء أو الغسل بأخذ الماء غرفة غرفة وعلى نحو التدريج ، فلا تكون وظيفته التيمم ، لأنه واجد للماء وقادر على استعماله في الوضوء أو الغسل عقلا وشرعاً ، بداهة انه لا يعتبر في صحة الوضوء أو الغسل ان يكون عنده ماء بمقدار يفي به من الابتداء وقبل الشروع فيه ، إذ هو عمل تدريجي لا يعتبر في صحته وتعلق الأمر به إلا القدرة عليه ، سواء أكانت موجودة من الأول أو وجدت تدريجاً ، فانه لا دخل لشيء من الخصوصيّتين في فعلية التكليف بنظر العقل.
ونظير هذا ما إذا فرض خروج الماء من الأرض بمقدار غرفة واحدة دون الزائد ، ولكنه لو أخذ ذلك الماء فيخرج بذاك المقدار ثانياً. وهكذا ، فلا إشكال في وجوب الوضوء عليه أو الغسل.
ومن هذا القبيل ما إذا كان الماء لغير المكلف ولم يرض بالتصرف فيه إلا بالاخذ منه بمقدار غرفة واحدة ، ولكنه يعلم أنه يبدو له ويرضى بعد غسل وجهه