كذلك ، إلا ان الكراهة بالمعنى الشرعي لا معنى لتعلقها بها أبداً ، ومن المعلوم انه لم يرد من الكراهة في هاتين الصحيحتين الكراهة التكوينية ، ضرورة ان الظاهر منهما هو ان الإمام عليهالسلام في مقام بيان الحكم الشرعي ، لا في مقام إظهار كراهته الشخصية. وهذا واضح وعليه فلا بد من تقدير فعل من الأفعال فيها ، ليكون هو المتعلق للنهي والكراهة ، وبما انه لا قرينة على التخصيص ببعض منها دون بعضها الآخر فلا محالة يكون المقدر هو مطلق الانتفاعات والاستعمالات.
ولكن قد ظهر الجواب عنه بما تقدم من ان المقدر في كل مورد بحسب ما يناسب ذلك المورد. ومن هنا ذكروا ان المقدر في مثل النهي عن الأمهات هو النكاح ، فانه المناسب للمقام والأثر الظاهر من النساء ، كما ان المقدر في مثل النهي عن الميتة والدم وما شاكلهما هو الأكل. وهكذا.
وفيما نحن فيه بما ان الأثر الظاهر من الإناء هو استعماله في الأكل والشرب فلا محالة ينصرف النهي عنه إلى النهي عن الأكل والشرب فلا يشمل غيرهما.
وعلى الجملة فالنهي في أمثال هذه الموارد بمناسبة الحكم والموضوع منصرف إلى النهي عن الأثر الظاهر من الشيء ، فلا يعم مطلق اثره.
ونتيجة ذلك هي ان المقدر في تلك الصحاح بمقتضى الفهم العرفي هو خصوص الأكل والشرب دون مطلق الاستعمال والانتفاع ، فاذن لا دليل على حرمة استعمال الآنيتين في غير الأكل والشرب ، وعليه فلا مانع من الوضوء أو الغسل بهما مطلقاً ولو كان ارتماسياً ، كما انه لا مانع من غيره. وتمام الكلام في ذلك في بحث الفقه.
وقد تحصل مما ذكرناه امران : الأول ـ الوضوء أو الغسل الترتيبي من الأواني المغصوبة أو الذهب والفضة صحيح مطلقاً ، سواء أكان الماء منحصراً فيها أم لم يكن ، وسواء أتمكن المكلف من التفريغ في إناء آخر أم لم يتمكن وسواء أخذ الماء منها دفعة واحدة أم بالتدريج. الثاني ـ ان الوضوء أو الغسل