أو سنتين قطعيتين ، وكذلك الحكم المستفاد من رواية والحكم المستفاد من آية من الكتاب أو سنة قطعية ، بل لا مناص من تقديم الرواية على الكتاب أو السنة القطعية في مقام المزاحمة إذا كانت واجدة لإحدى مرجحات بابها.
لحد الآن قد تبين ان النقطة الرئيسة التي ينبثق منها التزاحم بين الحكمين بعد الفراغ من جعلهما إنما هي عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال والفعلية ، واما مع التمكن فلا مزاحمة أصلا.
ولكن لشيخنا الأستاذ ـ قده ـ في المقام كلام ، وهو ان التزاحم قد ينشأ من عدم قدرة المكلف على الجمع بين الحكمين في مقام الامتثال كما هو الغالب. وقد ينشأ من جهة أخرى غير ذلك.
اما الأول فقد قسمه ـ قده ـ على خمسة أقسام :
الأول ـ ما إذا كان عدم القدرة اتفاقياً كما هو الحال في التزاحم بين وجوب إنقاذ غريق وإنقاذ غريق آخر فيما إذا لم يقدر المكلف على إنقاذ كليهما معاً.
الثاني ـ ما إذا كان التزاحم من جهة وقوع التضاد بين الواجبين اتفاقاً ، لما عرفت من ان التضاد بينهما إذا كان دائمياً فيقع التعارض بين دليليهما فتكون المصادمة عندئذ في مقام الجعل لا في مقام الامتثال والفعلية.
الثالث ـ موارد اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كانت هناك ماهيتان اتحدتا في الخارج بنحو من الاتحاد كالصلاة والغصب ـ مثلا ـ بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من الطبيعة إلى مشخصاتها فوقتئذ تقع المزاحمة بينهما ، وهذا بخلاف ما إذا كانت هناك ماهية واحدة كإكرام العالم الفاسق المنطبق عليه إكرام العالم المحكوم بالوجوب ، وإكرام الفاسق المحكوم بالحرمة ، فان مورد الاجتماع على هذا يدخل في باب التعارض دون التزاحم. وكذا إذا كانت هناك ماهيتان متعددتان بناء على سراية الحكم من إحداهما إلى الأخرى ، وسيأتي بيان ذلك تماماً في بحث اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله تعالى.