الرابع ـ ما إذا كان الحرام مقدمة لواجب كما إذا توقف إنقاذ الغريق ـ مثلا ـ أو نحوه على التصرف في مال الغير ، هذا فيما إذا لم يكن التوقف دائمياً ، وإلا فيدخل في باب التعارض ، كما هو واضح.
الخامس ـ موارد التلازم الاتفاقي فيما إذا كان أحد المتلازمين محكوماً بالوجوب والآخر محكوما بالحرمة ، ومثال ذلك استقبال القبلة واستدبار الجدي لمن سكن في العراق وما شاكله من البلاد ، فانه لا تلازم بينهما بالذات ، فالتلازم انما يتفق بينهما لخصوص أهل العراق أو ما سامته من النقاط. واما إذا كان التلازم دائمياً فيدخل في باب التعارض.
واما الثاني (وهو ما إذا كان التزاحم ناشئاً من شيء آخر لا من عدم قدرة المكلف) فقد مثل بما إذا كان المكلف مالكا من الإبل بمقدار النصاب الخامس (وهو خمس وعشرون إبلا) الّذي يجب فيه خمس شياة ، ثم بعد مضي ستة أشهر ملك ناقة أخرى فتحقق النصاب السادس الّذي يجب فيه بنت مخاض ، وعلى هذا فمقتضى أدلة وجوب الزكاة هو وجوب خمس شياة بعد انقضاء سنة النصاب الخامس ووجوب بنت مخاض بعد تمامية حول النصاب السادس ، والمكلف قادر على دفع كليهما معاً ، ولم تنشأ المزاحمة من جهة عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مقام الامتثال ، بل هي ناشئة من ناحية قيام الدليل من الخارج على ان المال الواحد لا يزكى في السنة الواحدة مرتين.
وللمناقشة فيما أفاده (قده) ـ هنا ـ مجال. اما ما ذكره من ان التزاحم الناشئ من ناحية عدم قدرة المكلف فينقسم إلى خمسة أقسام فيرد عليه :
أولا ـ انه لا أثر لهذا التقسيم أصلا ، ولا تترتب عليه أية ثمرة فيكون نظير تقسيم ان التزاحم قد يكون بين وجوبين ، وقد يكون بين تحريمين ، وقد يكون بين وجوب وتحريم. وهكذا ، فلو كان مثل هذه الاعتبارات موجباً للقسمة لازدادت الأقسام بكثير كما لا يخفى.