أصلا ، وان قلنا بالجواز وتعدد الجمع ، فان كانت هناك مندوحة وتمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال فلا تزاحم بينهما أصلا ، كما تقدم ، وان لم تكن هناك مندوحة فتقع المزاحمة بينهما لا محالة.
ولكن عندئذ يدخل هذا القسم في القسم الخامس ، ولا يكون قسما آخر في قباله ، بل هو من أحد مصاديقه ، وسيأتي بيان كل واحد من هذه الأقسام بصورة مفصلة إن شاء الله تعالى ، والغرض من التعرض هنا الإشارة إلى عدم صحة هذا التقسيم ، وان منشأ التزاحم في جميع تلك الأقسام نقطة واحدة وهي عدم قدرة المكلف على الجمع بين متعلقي الحكمين في ظرف الامتثال والإطاعة ، كما اعترف ـ قده ـ بذلك. ومن الواضح انه لا يفرق في هذا بين ان يكون التزاحم بين واجبين متضادين من باب الاتفاق أو بين واجب وحرام سواء أكانا متلازمين أو كان أحدهما متوقفا على الآخر ، فان الجميع بالإضافة إلى تلك النقطة على نسبة واحدة.
واما ما ذكره ـ قده ـ من ان التزاحم قد لا ينشأ من جهة عدم قدرة المكلف بل من جهة أخرى كالمثال المتقدم فهو غريب منه ـ قده ـ وذلك لأن المثال المذكور وما شاكله داخل في باب التعارض ، وليس من باب التزاحم في شيء.
والوجه فيه هو ان ما دل على ان المال الواحد لا يزكى في السنة الواحدة مرتين يوجب العلم الإجمالي بكذب أحد الدليلين أعني بهما ما دل على وجوب خمس شياة على من ملك النصاب الخامس ومضى عليه الحول ، وما دل على وجوب بنت مخاض على من ملك النصاب السادس ومضى عليه الحول ، وان كان لا تنافي بينهما بالذات ومع قطع النّظر عما دل على ان المال الواحد لا يزكى مرتين في عام واحد ، فيكون نظير ما دل على وجوب صلاة الجمعة في يوم الجمعة ، وما دل على وجوب الظهر فيه فانه لا تنافي بين دليليهما بالذات أصلا ، لتمكن المكلف من الجمع بينهما ولكن العلم الخارجي بعدم وجوب ستة صلوات في يوم واحد أوجب التنافي بينهما ، اذن فلا بد من الرجوع إلى قواعد باب المعارضة ، ولا مساس لأمثال هذا المثال بباب المزاحمة