اما إذا كان التقدم والتأخر بين شيئين أو التقارن بينهما بالزمان فكل ما هو متحد مع المتقدم في الزمان متقدم على المتأخر بعين الملاك الموجود في المتقدم ، وهو كونه في الزمان المتقدم وكل ما هو متحد مع المتأخر في الزمان متأخر عن المتقدم بعين الملاك الموجود في المتأخر ، وهو كونه في الزمان المتأخر. وكل ما هو متحد مع المقارن في الزمان مقارن لتحقق ملاك التقارن فيه ، وهذا من الواضحات فلا يحتاج إلى مئونة بيان.
واما إذا كان التقدم والتأخر بينهما بلحاظ الرتبة دون الزمان فالأمر ليس كذلك ، فان ما هو متحد مع المتقدم في الرتبة لا يلزم أن يكون متقدماً على المتأخر وكذا ما هو متحد مع المتأخر فيها أو المقارن لا يلزم أن يكون متأخراً ، أو مقارناً ـ مثلا ـ العلة متقدمة على المعلول رتبة ، وما هو متحد معها في الرتبة ـ وهو العدم البديل لها ـ لا يكون متقدماً عليه ، والمعلول متأخر عن العلة رتبة ـ وما هو متحد معه وهو عدمه البديل له ـ لا يكون متأخراً عنها.
والوجه في ذلك هو : ان التقدم أو التأخر بالرتبة والطبع لا يكون جزافاً ، بل لا بد أن يكون ناشئاً من ملاك مقتض له ، فكل ما كان فيه الملاك الموجب لتقدمه أو تأخره فهو ، وإلا فلا يعقل فيه التقدم أو التأخر أصلا ، فهذا الملاك تارة يختص بوجود الشيء فلا يمكن الالتزام بالتقدم أو التأخر في عدمه ، وتارة أخرى يختص بعدمه ، فلا يعقل الالتزام به في وجوده ، فانه تابع لوجود الملاك ، ففي كل مورد لا يوجد فيه الملاك لا يمكن فيه التقدم أو التأخر ، بل لا بد فيه من الالتزام بالاتحاد والمعية في الرتبة ، فان ملاك المعية انتفاء ملاك التقدم والتأخر ، لا انها ناشئة من ملاك وجودي.
وعلى ضوء ذلك نقول : ان تقدم العلة على المعلول بملاك ترشح وجود المعلول من وجود العلة ، كما ان تقدم الشرط على المشروط بملاك توقف وجوده على وجوده ، وتقدم عدم المانع على الممنوع بملاك توقف وجوده عليه ، واما عدم