المرجح الثاني.
ما إذا كان أحد الواجبين المتزاحمين مشروطاً بالقدرة شرعا والآخر عقلا فيقدم ما كان مشروطاً بالقدرة عقلا على ما كان مشروطاً بالقدرة شرعا. وبيان ذلك ان الحكمين المتزاحمين لا يخلوان من ان يكون أحدهما مشروطاً بالقدرة شرعا دون الآخر ، وان يكون كلاهما مشروطاً بالقدرة شرعا أو عقلا ، فهذه أقسام ثلاثة :
اما القسم الأول وهو ما كانت القدرة مأخوذة في أحدهما شرعا دون الآخر فقد ذكر شيخنا الأستاذ ـ قده ـ ان الواجب المشروط بالقدرة عقلا يقدم على الواجب المشروط بها شرعا.
وأفاد في وجه ذلك ان ملاك الواجب المشروط بالقدرة عقلا حيث انه تام لا قصور فيه أصلا فلا مانع من إيجابه بالفعل ، فإذا كان وجوبه فعلياً فلا محالة يكون موجباً لعجز المكلف عن الإتيان بالواجب الآخر ومانعاً عن ثبوت الملاك له لتوقفه على القدرة عليه عقلا وشرعا على الفرض وهذا بخلاف الواجب المشروط بالقدرة عقلا فان ثبوت الملاك له لا يتوقف على شيء ما عدا القدرة عليه عقلا والمفروض انها موجودة فاذن ليس لوجوبه بالفعل اية حالة منتظرة أصلا.
وعلى الجملة فالواجب المشروط بالقدرة شرعا يتوقف وجوبه فعلا على تمامية ملاكه ، والمفروض انها تتوقف على عدم فعلية الواجب الآخر ومع فعلية ذاك الواجب لا ملاك له ، لعدم القدرة عليه عندئذ شرعا ، والمفروض ان القدرة الشرعية دخيلة في ملاكه ، اذن لا وجوب له فعلا ، ليكون مزاحماً مع الواجب المشروط بالقدرة عقلا.
ومن ذلك يتقدم الواجب المشروط بالقدرة عقلا في مقام المزاحمة على الواجب المشروط بالقدرة شرعا ، ولو كان أهم منه لما عرفت من عدم تمامية ملاكه وعدم تحقق موضوعه ، وهو القدرة شرعا ، مع فعلية وجوب ذلك الواجب. ومن الواضح انه لا يفرق فيه بين ان يكون الواجب المشروط بالقدرة شرعا أهم منه أولا