أحدهما في ثبوت الآخر ـ لا بد من فرضه في طرف واحد منهما ، وهو طرف الوجود دون كلا الطرفين ، وذلك لأن وجود الشيء يغاير عدم نقيضه ـ أعني به عدم العدم ـ مفهوماً ، واما عدم الشيء فهو بنفسه نقيض الشيء ، ولا يغايره بوجه كي يقال ان ارتفاع الوجود يلائم نقيضه من دون أن يكون بينهما تأخر وتقدم. مثلا وجود الإنسان يغاير عدم نقيضه (عدم الإنسان) مفهوماً ، فان مفهوم عدم العدم غير مفهوم الوجود ، وان كان في الخارج عينه. فإذاً يمكن ان يقال : ان الشيء كالإنسان متحد في الرتبة مع عدم نقيضه. واما عدم الإنسان فلا يغاير عدم نقيضه (وجود الإنسان) حتى مفهوماً ، فان نقيضه هو الإنسان ، وعدم نقيضه هو عدم الإنسان. إذاً فلا معنى لأن يقال : ان عدم الإنسان متحد في الرتبة مع عدم الإنسان.
فالنتيجة لحد الآن قد أصبحت ان التمسك بقياس المساواة إنما يصح في التقدم الزماني ، فان ما هو مع المتقدم بالزمان متقدم لا محالة دون ما إذا كان التقدم في الرتبة.
وقد عرفت ان غرض المحقق ـ صاحب الكفاية (قده) ـ ليس التمسك بقياس المساواة لإثبات نفي المقدمية والتقدم لعدم أحد الضدين للضد الآخر ليرد عليه ما بيناه ، بل غرضه ما ذكرناه سابقاً. هذا غاية توجيه لما أفاده (قده) في المقام.
وقد ظهر من ضوء بياننا هذا امران :
الأول ـ بطلان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من التمسك لإثبات كون عدم أحد الضدين في مرتبة الضد الآخر ، بقياس المساواة. وقد تقدم بيانه مع جوابه مفصلا فلا حاجة إلى الإعادة.
الثاني ـ بطلان ما أفاده شيخنا المحقق (قده) من أن المعية في الرتبة كالتقدم أو التأخر الرتبي لا بد أن تكون ناشئة من ملاك وجودي ، فلا يكفي فيها انتفاء ملاك