التزاحم بين القيام في صلاة الصبح ـ مثلا ـ والقيام في صلاة الظهر بان لا يقدر المكلف على الجمع بينهما في الخارج ، فلو صلى صلاة الصبح قائماً فلا يقدر على القيام في صلاة الظهر ، وان ترك القيام في صلاة الصبح فيقدر عليه في صلاة الظهر ، ففي مثل ذلك لا إشكال في وجوب تقديم القيام في صلاة الصبح على القيام في صلاة الظهر ، ولا يجوز تركه فيها تحفظاً على القدرة عليه في صلاة الظهر.
والوجه فيه واضح وهو ان وجوب صلاة الصبح مع القيام فعلى عليه بفعلية موضوعه وهو قدرته على إتيانها قائماً عقلا وشرعا وعدم مانع في البين ، لأن وجوب صلاة الظهر قائماً في ظرفه ليس بفعلي في هذا الحين ، ليكون مانعاً منه فانه انما يصير فعلياً بعد دخول الوقت. ومن الواضح جداً انه لا يجوز ترك الواجب الفعلي مقدمة لحفظ القدرة على إتيان الواجب في ظرفه.
فالنتيجة انه كلما وقع التزاحم بين واجبين طوليين بان يكون أحدهما متقدماً على الآخر زماناً فلا إشكال في تقديم السابق على اللاحق ، ولا يفرق فيه بين ان يكون الواجب اللاحق أهم من السابق أم لا ، فان الملاك في الجميع واحد ، وهو ان الواجب اللاحق حيث انه لا يكون فعليا في هذا الحال فلا يكون مانعاً عن فعلية وجوب السابق. وعليه فلا يجوز ترك صلاة الصبح في وقتها قائماً مقدمة لحفظ القدرة على صلاة الظهر كذلك. وهذا واضح.
ولكن ذكر شيخنا الأستاذ ـ قده ـ ان هذا المرجح انما يكون مرجحاً فيما إذا لم يكن هناك جهة أخرى توجب تقديم أحد الواجبين على الآخر ولو كان متأخراً عنه زمانا ، ومثل لذلك بما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر أو ما شابهه ، فان النذر وان كان سابقاً بحسب الزمان على أشهر الحج ، كمن نذر في شهر رمضان ـ مثلا ـ المبيت ليلة عرفة عند مشهد الحسين عليهالسلام وبعد ذلك عرضت له الاستطاعة ، فانه مع ذلك يقدم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر.
وأفاد في وجه ذلك ان وجوب الوفاء في أمثال هذه الموارد مع اشتراطه