شرعا بناء على تفسير الاستطاعة بالتمكن من أداء فريضة الحج عقلا وشرعا كما هو المشهور ، فمع ذلك ليست المزاحمة بينه وبين وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه داخلة في الكبرى المتقدمة ، لما عرفت من عدم تقدم زمان الوفاء بالنذر على زمان الحج وان فرض تقدم سبب وجوبه على سبب وجوب الآخر ، فانه لا عبرة به والعبرة انما هي بتقدم أحد الواجبين على الآخر زماناً ، والمفروض انهما في عرض واحد فلا تقدم لأحدهما على الآخر أصلا. وعليه فلا يبقى مجال لتوهم تقدم وجوب الوفاء بالنذر على وجوب الحج بملاك تقدم الواجب السابق على الواجب اللاحق. فما أفاده شيخنا الأستاذ ـ قده ـ من ان المقام داخل في الكبرى المزبورة فيما إذا فرض تقدم النذر بحسب الزمان على أشهر الحج لا يرجع إلى أصل صحيح ، لما عرفت من انه غير داخل في تلك الكبرى حتى على هذا الفرض والتقدير ، من جهة ان العبرة انما هي بتقدم زمان أحد الواجبين على زمان الآخر ، ولا عبرة بتقدم سبب أحدهما على سبب الآخر أصلا ، كما مر.
ولا يفرق في ذلك بين القول باستحالة الواجب المعلق كما هو مختار شيخنا الأستاذ ـ قده ـ والقول بإمكانه وصحته ، كما هو المختار عندنا ، فانه على كلا القولين لا تقدم لأحد الواجبين على الآخر بحسب الزمان ، غاية ما في الباب على القول بالاستحالة فكما لا وجوب فعلا للوفاء بالنذر قبل تحقق ليلة عرفة فكذلك لا وجوب فعلا للحج قبل تحقق وقته ومجيئه ، فاذن عدم تقدم أحدهما على الآخر زماناً واضح وعلى القول بالإمكان ، فكما ان وجوب الوفاء بالنذر فعلى قبل مجيء وقت الواجب فكذلك وجوب الحج فعلى قبل وقته ، فالوجوبان عرضيان وكل منهما قابل لرفع موضوع الآخر. ودعوى ـ ان وجوب الوفاء بالنذر على هذا سابق على وجوب الحج باعتبار ان سببه مقدم على سببه ـ مدفوعة بأنه لا أثر لمجرد حدوث وجوبه قبل حصول الاستطاعة بعد فرض انه مزاحم بوجوب الحج بقاء ، بل قد عرفت انه لا مزاحمة بين الواجبين الا في زمانهما وهو زمان الامتثال والعمل لا في زمان وجوبهما كما هو ظاهر.