وبعد ذلك نقول : انه لا بد من تقديم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر وأشباهه في مقام المزاحمة ، وذلك لوجهين :
الأول ـ ان وجوب النذر أو ما شابهه لو كان مانعاً عن وجوب الحج ورافعاً لموضوعه لأمكن لكل مكلف رفع وجوبه عن نفسه بإيجاب شيء ما عليه بنذر أو نحوه في ليلة عرفة المنافي للإتيان بالحج كمن نذر ان يصلى ركعتين من النافلة ـ مثلا ـ في ليلة عرفة في المسجد الفلاني ، كمسجد الكوفة أو نحوه ، أو نذر ان يقرأ سورة ـ مثلا ـ في ليلة عرفة فيه أو في مكان آخر ـ مثلا ـ وهكذا. ومن الواضح جداً ان بطلان هذا من الضروريات فلا يحتاج إلى بيان وإقامة برهان ، كيف فان لازم ذلك هو ان لا يجب الحج على أحد من المسلمين ، إذ لكل منهم ان يمنع وجوبه ويرفع موضوعه بنذر أو شبهه يكون منافياً ومضاداً له ، وهذا مما قامت ضرورة الدين على خلافه ، كما هو ظاهر.
الثاني ـ أنه قد ثبت في محله ان صحة النذر وما شاكله مشروطة بكون متعلقه راجحاً فلو نذر ترك واجب أو فعل حرام لم يصح ، بل لو نذر ترك مستحب أو فعل مكروه كان كذلك ، فضلا عن ان ينذر ترك واجب أو فعل محرم.
ومن هنا لو نذرت المرأة على ان تصوم غداً ثم رأت الدم فلا ينعقد نذرها ولا يجب عليها الصوم في الغد بمقتضى وجوب الوفاء بالنذر ، لعدم رجحانه في هذه الحالة.
وعلى الجملة فلا شبهة في اعتبار رجحان متعلقه في نفسه في انعقاده ، كزيارة الحسين عليهالسلام ، والصلاة في المسجد ـ مثلا ـ وما شاكلهما. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى يعتبر في صحته وانعقاده أيضا ان لا يكون محللا للحرام بمعنى ان الوفاء به لا يستلزم ترك واجب أو فعل محرم. والحاصل انه لا إشكال في فساد النذر أو الشرط المخالف للكتاب أو السنة وما يكون محللا للحرام ، وقد دلت على ذلك عدة من الروايات ، ويترتب على هذا ان النذر في مفروض المقام بما ان