القدرة في ظرف العمل.
وأما إذا كانت القدرة المأخوذة فيه القدرة المطلقة ، بان استكشفنا من القرائن الداخلية أو الخارجية انه واجد للملاك الملزم في ظرفه بمجرد القدرة عليه ولو آناً ما ففي مثل ذلك قد عرفت انه لا وجه لتقديم ما هو أسبق زماناً على الآخر ، بل لا بد من ملاحظة الأهمية في البين.
والوجه في ذلك هو ان العقل كما يحكم بصرف القدرة في امتثال الواجب المتقدم ، كذلك يحكم باحتفاظها للواجب المتأخر ، ضرورة انه لا فرق في نظر العقل بين تفويت الواجب الفعلي وتفويت الملاك الملزم في ظرفه ، فكما انه يحكم بقبح الأول فكذلك يحكم بقبح الثاني ، وعليه فلا أثر لسبق الزماني ـ هنا ـ أصلا ، فاذن ان كان أحدهما أهم من الآخر أو محتمل الأهمية فيقدم عليه بلا فرق بين كونه متقدماً عليه زماناً أو متأخراً عنه ، وبلا فرق بين القول بإمكان الترتب والقول باستحالته ، وإلا فيحكم العقل بالتخيير بينهما ، كما تقدم بشكل واضح.
ولكن لشيخنا الأستاذ (قده) في المقام كلام وهو ان التزاحم إذا كان بين واجبين طوليين متساويين في الملاك ، كما إذا دار الأمر بين القيام في الركعة الأولى من الصلاة والقيام في الركعة الثانية أو بين ترك واجب متوقف على ارتكاب محرم مساو معه في الملاك فلا مناص من الالتزام بتقديم ما هو أسبق زماناً على الآخر.
وقد أفاد في وجه ذلك ما توضيحه : هو ان الواجبين المتزاحمين إذا كانا عرضيين ففي صورة التساوي وعدم كون أحدهما أهم من الآخر لا مناص من الالتزام بالتخيير ، ضرورة انه لا وجه في هذا الفرض لتقديم أحدهما على الآخر أصلا. واما إذا كانا طوليين ، فان كانا متساويين فلا بد من تقديم الواجب المتقدم على المتأخر زماناً وذلك لأن التكليف بالمتقدم فعلى ولا موجب لسقوطه أصلا ، لأن سقوط كل من التكليفين المتزاحمين إنما هو بصرف القدرة في امتثال الآخر كما ان ثبوت كل منهما إنما هو عند ترك امتثال الآخر وعدم صرف القدرة فيه ، بناء على ما هو الصحيح من إمكان الترتب وجوازه ، وعدم الفرق فيه بين ان يكون من