وتخيل ان الساقط في هذا الفرض إنما هو خصوص الأمر الضمني المتعلق بالجزء المتعذر ، دون البقية خيال فاسد جداً ، ضرورة ان الأمر المتعلق بالمجموع لا يخلو من ان يكون باقياً في هذا الحال أو ساقطاً. فعلى الفرض الأول لا يعقل سقوطه ، لفرض انه حصة منه ، فمع بقائه لا محالة هو باق. وعلى الفرض الثاني سقط الأمر الضمني عن الجميع ، لا عن خصوص المتعذر ، لما عرفت من حديث العينية ، وهذا معنى ارتباطية الأوامر الضمنية بعضها مع بعض الآخر ارتباطة ذاتية.
ولكن حيث قد عرفت استحالة الفرض الأول في هذا الحال ، فلا محالة يتعين الالتزام بالفرض الثاني. نعم ثبت الأمر للباقي بعد سقوطه عن المجموع بمقتضى اختصاص جزئية المتعذر بحال القدرة ، فان قضية ذلك سقوط جزئيته في حال التعذر واقعاً ، ولازمه ثبوت الأمر للباقي ، وبما ان الباقي في هذا الفرض مردد بين المركب من هذا أو ذاك فلا محالة لا نعلم ان المجعول جزئية هذا له أو ذاك أو جزئية الجامع بينهما ، بعد عدم إمكان كون المجعول جزئية كليهما معاً ، فاذن لا محالة تقع المعارضة بين دليليهما فيرجع إلى قواعد بابها ، فان كان أحدهما عاماً والآخر مطلقاً ، فيقدم العام على المطلق ، وان كان كلاهما عاماً فيرجع إلى مرجحات باب التعارض ، وان كان كلاهما مطلقاً فيسقطان معاً ، فيرجع إلى الأصل العملي ومقتضاه عدم اعتبار خصوصية هذا وذاك ، فتكون النتيجة جزئية الجامع.
وبهذا البيان قد ظهر انه لا فرق بين المقام وبين ما إذا تعلق الأمر بالمركب من الاجزاء بعناوينها الأولية ، إلا في نقطة واحدة ، وهي ان في مثل المقام لا يحتاج ثبوت الأمر للباقي إلى دليل خارجي يدل عليه ، كلا تسقط الصلاة بحال أو نحوه ، بل الأمر به ثابت من الابتداء بمعنى ان الشارع قد أوجب كل مرتبة من مراتب هذا المركب عند تعذر مرتبة أخرى منه.
ويدل على هذا في المقام تقييد جزئية كل من اجزائه بحال القدرة ، ولازم ذلك هو عدم جزئيته في حال العجز واقعاً ، وثبوت الأمر للباقي.