واما في غير المقام ومحل الفرض يحتاج ثبوت الأمر للباقي إلى دليل من الخارج ، وإلا فمقتضى القاعدة عدم وجوبه ، بعد سقوط الأمر عن المجموع بتعذر جزئه.
ولكن بعد ما دل الدليل من الخارج على وجوبه ، فلا فرق بينه وبين ما نحن فيه ، فكما ان فيه إذا دار الأمر بين سقوط جزء وجزء آخر فيدخل في باب التعارض ، لفرض ان المجعول في هذا الحال ليس إلا وجوب أحدهما ، ولا يعقل أن يكون وجوب كليهما معاً ، لاستلزامه التكليف بالمحال. ومن المعلوم انه لا موضوع للتزاحم في مثله ، كما هو واضح. فكذلك فيما نحن فيه إذا دار الأمر بين سقوط جزء وجزء آخر فيدخل في هذا الباب وذلك لأنا نعلم إجمالا في هذا الحال بوجوب أحدهما ، لفرض تعلق الأمر الآخر بالباقي وسقوط الأمر الأول عن المجموع ـ كما عرفت ـ ومعه لا محالة نشك في ان المجعول وجوب خصوص هذا أو ذاك ، أو وجوب الجامع بينهما بعد عدم إمكان وجوب كليهما معاً ، فعندئذ لا محالة تقع المعارضة بين دليليهما ، ومعه لا موضوع للتزاحم أصلا.
ولعل منشأ تخيل ان هذا من باب التزاحم الغفلة عن تحليل نقطة واحدة وهي تعلق الأمر بالباقي من الابتداء ، من دون حاجة إلى التماس دليل خارجي عليه ، فان عدم تحليلها أوجب تخيل ان الأوامر الضمنية المتعلقة باجزاء مثل هذا المركب لم تسقط بسقوط جزء منه ، غاية الأمر ان تعذره أوجب سقوط خصوص الأمر الضمني المتعلق به لا بغيره ، وعليه فان كان الجزء المتعذر معيناً سقط الأمر عنه خاصة ، وان كان مردداً بين هذا وذاك سقط امر أحدهما بسقوط موضوعه ـ وهو القدرة ـ دون الآخر بعد ثبوت كليهما معاً في مقام الجعل ، من دون أي تناف بينهما فيه. ومن المعلوم انا لا نعنى بالتزاحم إلا هذا ، غاية الأمر على القول بالترتب الساقط هو إطلاق الخطاب ، وعلى القول بعدمه الساقط أصله.
ووجه الغفلة عن ذلك هو ما عرفت من ان الأمر وان تعلق بالباقي من الأول