وأما إذا كان التعارض بينهما بالإطلاق كما هو الغالب ، فان كان أحدهما من الكتاب أو السنة والآخر من غيره ، فيقدم الأول على الثاني على بيان تقدم ، وإلا فيسقط كلا الإطلاقين معاً فيرجع إلى الأصل العملي ، ومقتضاه عدم اعتبار خصوصية هذا وخصوصية ذاك ، فالنتيجة هي اعتبار أحدهما. وقد سبق الكلام من هذه الناحية بشكل واضح فلاحظ.
وأما الفرع السادس (وهو ما إذا دار الأمر بين سقوط أصل الشرط وسقوط قيده ، كما إذا دار الأمر بين سقوط أصل الساتر في الصلاة وسقوط قيده وهو الطهارة) فقد ذكر (قده) انه يسقط قيده ، لتأخر رتبته.
أقول : ينبغي لنا ان نستعرض هذا المورد وما شاكله على نحو ضابط كلي.
بيان ذلك هو ان القيد سواء أكان قيداً للشرط أو للجزء أو للمرتبة الاختيارية من الركن أو له بتمام مراتبه لا يخلو من ان يكون مقوماً للمقيد بحيث ينتفي بانتفائه ، وأن يكون غير مقوم له ، مثال الأول القيام المتصل بالركوع ، فانه مقوم للمرتبة الاختيارية منه ، مثال الثاني اعتبار الطهارة في الستر والطمأنينة في الركوع والسجود والأذكار والقراءة وما شاكل ذلك ، فان شيئاً منها لا ينتفي بانتفاء هذا القيد ، فلا ينتفي الستر بانتفاء الطهارة ، ولا الركوع والسجود بانتفاء الطمأنينة ، وهكذا.
وبعد ذلك نقول :
أما القسم الأول فلا شبهة في أن انتفائه يوجب انتفاء المقيد ، فلا وجه لدعوى كون الساقط هو خصوص القيد ، ضرورة أنه مقوم له ، فكيف يعقل بقائه مع انتفائه ، كما هو واضح. وعليه فإذا كان المتعذر هو خصوص هذا القيد كالقيام المتصل بالركوع ـ مثلا ـ فلا محالة يسقط المقيد به. وأما إذا كان الأمر دائرا بين سقوطه وسقوط جزء أو شرط آخر أو قيد مقوم له ، فتجري فيه الأقسام المتقدمة بعينها ، لفرض ان الأمر في هذه الصور في الحقيقة دائر بين سقوط جزء وجزء آخر أو شرط كذلك. وهكذا ، فلا حاجة إلى الإعادة.