هو إمكانها الوجوديّ وفقرها الواقعي.
وعلى ضوء هذا البيان قد اتضح انه لا فرق بين الضد الموجود والضد المعدوم فكما ان الضد المعدوم يحتاج في حدوثه إلى سبب وعلة ، كذلك الضد الموجود يحتاج في وجوده في الآن الثاني والثالث ، وهكذا إلى سبب وعلة ولا يستغنى عنه في لحظة من لحظات وجوده ، ونسبة حاجة الضد الموجود في بقائه إلى السبب والعلة ، والضد المعدوم في حدوثه إلى ذلك على حد سواء.
أو فقل : ان المحل كما انه في نفسه قابل لكل من الضدين حدوثاً ، فان قابليته لذلك ذاتية ، كما ان عدم قابليته لقبول كليهما من ذاتياته ، فوجود كل منهما وعروضه لذلك المحل منوط بتحقق علته ، فعلة أي منهما وجدت كان موجوداً لا محالة. كذلك حال المحل في الآن الثاني ، فانه قابل لكل منهما بعين تلك النسبة فان بقاء الضد الموجود أو حدوث الضد الثاني منوط بوجود علته ، فكما ان وجود الضد المعدوم في هذا الآن منوط بتحقق علته كذلك بقاء الضد الموجود فنسبة تحقق علة وجود ذلك الضد ، وتحقق علة وجود الضد الموجود في ذلك الآن على حد سواء ، وعليه فعلة وجود أي منهما وجدت في تلك الحال كان موجوداً لا محالة بلا فرق بين الضد الموجود والمعدوم.
وقد تبين مما مر : ان المعلول يرتبط بالعلة ارتباطاً ذاتياً ويستحيل انفكاك أحدهما عن الآخر ، فلا يعقل بقاء المعلول بعد ارتفاع العلة ، كما لا يمكن أن تبقى العلة والمعلول غير باق. وقد عبر عن ذلك بالتعاصر بين العلة والمعلول زماناً.
وقد يناقش في ذلك الارتباط : بأنه مخالف لظواهر عدة من الموجودات الكونية التي هي باقية بعد انتفاء علتها ، فهي تكشف عن عدم صحة قانون التعاصر ، وانه لا مانع من بقاء المعلول واستمرار وجوده بعد انتفاء علته.
وذلك كالعمارات التي بناها البناءون وآلاف من العمال فانها بعد انتهاء عملية العمارة والبناء تبقى سنين متطاولة. وكالجسور والطرق ووسائل النقل المادية والمكائن