ولكن هذا المبنى فاسد جداً وقد حققنا في محله ان القيام المتصل بالركوع ليس بركن ، وان الأركان منحصرة بالركوع والسجود والطهور والتكبيرة والوقت وعليه فمجرد كونه مقوماً للمرتبة الاختيارية من الركن ، لا يكون موجباً لتقديمه على غيره أصلا ، اما على القول بالتعارض بين دليله ودليل غيره فواضح ، ضرورة انه على هذا لا بد من الرجوع إلى قواعد باب التعارض وأحكامه على الشكل الّذي تقدم. واما على القول بالتزاحم فلا نحرز ان القيام المتصل بالركوع أهم من القيام حال القراءة أو القيام حال التكبيرة ، ليحكم بتقديمه عليه ، بل الأمر على هذا القول بالعكس ، لما ذكرناه من ان الأسبق زماناً في أمثال هذه الموارد مرجح ، وبما ان القيام حال التكبيرة أو القيام حال القراءة أسبق زماناً من القيام المتصل بالركوع ، فيتقدم عليه لا محالة ، بل قد عرفت أن ذلك مقتضى النص الخاصّ ، فلا يحتاج إلى إعمال مرجح أصلا.
نلخص نتائج بحث التزاحم والتعارض في عدة نقاط :
الأولى ـ ان الفرق بين التزاحم في الملاكات والتزاحم في الأحكام من وجهين :
الأول ـ ان الترجيح في التزاحم بين الملاكات بيد المولى ، وليس من وظيفة العبد في شيء ، ولو علم بأهمية الملاك في أحد فعلين دون آخر ، فان وظيفته امتثال الحكم المجعول من قبل المولى ، هذا مضافاً إلى انه لا طريق له إلى الملاك. وأما الترجيح في التزاحم بين الأحكام فهو من وظيفة العبد لا غير.
الثاني ـ ان مقتضى القاعدة في التزاحم بين الأحكام التخيير. وأما في التزاحم بين الملاكات فلا يعقل فيه التخيير ، ضرورة انه لا معنى لتخيير المولى بين جعل الحكم على طبق هذا وجعل الحكم على طبق ذاك ، لفرض ان الملاكين متزاحمان فلا يصلح شيء منهما لأن يكون منشأ لجعل حكم شرعي ، فان الملاك المزاحم لا يصلح لذلك.
الثانية ـ ان التنافي بين الحكمين المتزاحمين إنما هو في مقام الامتثال الناشئ من عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في الخارج اتفاقاً ، ولا تنافي بينهما بالذات