من عدم سراية الحكم من الطبيعة إلى مشخصاتها الخارجية ، فتقع المزاحمة بينهما ، وهذا بخلاف ما إذا كانت هناك ماهية واحدة ، أو كانت ماهيتان متعددتان ، ولكن قلنا بالسراية ، فعندئذ تقع المعارضة بين دليليهما.
السادس ـ التزاحم في موارد التلازم الاتفاقي بين الفعلين ، كما إذا كان أحدهما محكوماً بالوجوب والآخر محكوماً بالحرمة ، كاستقبال القبلة واستدبار الجدي لمن سكن العراق وما والاه من البلاد لا مطلقاً ، فإذا كان أحدهما محكوماً بالوجوب والآخر محكوماً بالحرمة تقع المزاحمة بينهما ، وهذا بخلاف ما إذا كان التلازم بينهما دائمياً ، فانه عندئذ يدخل في باب التعارض.
السابع ـ التزاحم بين الحرام والواجب فيما إذا كان الحرام مقدمة له ، كما إذا توقف إنقاذ الغريق ـ مثلا ـ على التصرف في مال الغير ، هذا فيما إذا لم يكن التوقف دائمياً ، وإلا فيدخل في باب التعارض.
ولكن قد أشرنا فيما تقدم ان تقسيمه (قده) التزاحم في موارد عدم قدرة المكلف على الجمع بين المتزاحمين إلى هذه الأقسام غير صحيح.
اما أولا فلأنه لا أثر لهذا التقسيم أصلا ، ولا تترتب عليه اية ثمرة ، وإلا لأمكن تقسيمه إلى أزيد من ذلك كما سبق.
وأما ثانياً ـ فلان أصل هذا التقسيم غير صحيح. وذلك لأن القسم الثاني وهو ما إذا كان التزاحم ناشئاً عن المضادة بين الواجبين اتفاقاً داخل في القسم الأول. وهو ما إذا كان التزاحم فيه ناشئاً عن عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما اتفاقاً ، بداهة ان التضاد بين فعلين من باب الاتفاق غير معقول إلا من ناحية عدم قدرة المكلف عليهما معاً ، ولذا لا مضادة بينهما بالإضافة إلى من كان قادراً عليهما كذلك ، فاذن لا معنى لجعله قسما آخر في مقابل القسم الأول.
واما ما ذكره (قده) من ان المضادة بين الفعلين إذا كانت دائمية فتقع المعارضة بين دليل حكميهما ، فهو إنما يتم في الضدين الذين لا ثالث لهما وأما الضدين