الثانية ـ كبراه وهي عدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم.
اما المقدمة الأولى فلا إشكال فيها.
واما المقدمة الثانية فقد ذكروا ان المتلازمين لا بد ان يكونا متوافقين في الحكم فإذا كانت الإزالة ـ مثلا ـ واجبة فترك الصلاة الّذي هو ملازم لفعل الإزالة لا محالة يكون واجباً لأنه يمتنع أن يكون محرماً لاستلزامه التكليف بالمحال ، ولا فرق في ذلك بين الضدين اللذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون وما شاكلهما ، والضدين الذين لهما ثالث كالسواد والبياض والقيام والجلوس ونحوهما ، غاية الأمر انه على الفرض الأول كان الاستلزام من الطرفين ، فكما ان وجود كل منهما يستلزم عدم الآخر كذلك عدم كل منهما يستلزم وجود الآخر. واما على الفرض الثاني فوجود كل واحد منهما يستلزم عدم الآخر دون العكس إذ يمكن انتفاؤهما معاً. وذلك لأن ملاك دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضده هو استلزام وجود ذلك الشيء لعدم ضده ، وهو أمر يشترك فيه جميع الأضداد. واما استلزام عدم الشيء لوجود ضده فهو وان كان مختصاً بالضدين الذين لا ثالث لهما إلا انه أجنبي عن ملاك الدلالة تماماً.
وعلى ذلك يظهر انه لا وجه لما يراه شيخنا الأستاذ (قده) من التفرقة بين ما إذا لم يكن للضدين ثالث ، وما إذا كان لهما ثالث فسلم الدلالة في الفرض الأول دون الثاني ، فان ملاك الدلالة ـ كما عرفت ـ واحد ، إذاً فالتفصيل في غير موضعه كما سنتعرض إلى ذلك إن شاء الله تعالى.
والجواب عن ذلك ان الّذي لا يمكن الالتزام به هو كون المتلازمين مختلفين في الحكم ، بان يكون أحدهما متعلقاً للأمر ، والآخر متعلقاً للنهي ، لاستلزام ذلك التكليف بما لا يطاق ، فلا يمكن أن يأمر الشارع باستقبال القبلة ـ مثلا ـ في بلدنا هذا أو ما يقربه من البلاد في الطول والعرض ، وينهى عن استدبار الجدي ، لأن هذا تكليف بغير المقدور ، بل لا يمكن النهي التنزيهي عنه لكونه لغواً فلا