وبذلك يظهر فساد ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من الالتزام بان الأمر بأحد النقيضين يستلزم النهي عن الآخر باللزوم البين بالمعنى الأخص. والأمر بأحد المتقابلين بتقابل العدم والملكة كالتكلم والسكوت ـ مثلا ـ يستلزم النهي عن الآخر باللزوم البين بالمعنى الأخص أيضاً ، بل الأمر بأحد الضدين الذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون يستلزم النهي عن الضد الآخر ولكن باللزوم البين بالمعنى الأعم.
ووجه الظهور هو ، ما قد سبق من انه لا دلالة على الملازمة في شيء من تلك الموارد حتى باللزوم البين بالمعنى الأعم ، فضلا عن البين بالمعنى الأخص ، وان الأمر لا يدل إلا على اعتبار متعلقه في ذمة المكلف ، ولا يدل على النهي عن تركه ، بل قد عرفت ان النهي عنه لغو.
أضف إلى ذلك ما ذكرناه ـ سابقاً ـ من ان ملاك الدلالة في المقام هو استلزام فعل الضد لترك الضد الآخر ، وهو امر مشترك فيه بين الجميع ، فلا يختص بالنقيضين ولا بالمتقابلين بتقابل العدم والملكة ولا بالضدين الذين لا ثالث لهما ، بل يعم الضدين الذين لهما ثالث أيضاً ، لأن فعل أحدهما يستلزم ترك الآخر لا محالة. واما استلزام ترك الشيء لفعل ضده فهو أجنبي عن ملاك الدلالة تماماً.
فالنتيجة ان ما هو ملاك الدلالة على تقدير تسليمه يشترك فيه الجميع ، ولا يختص بغير الضدين الذين لهما ثالث فما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من التفرقة لا يرجع إلى معنى محصل.
شبهة الكعبي بانتفاء المباح
وهذه الشبهة ترتكز على ركيزتين :
الأولى ـ ان ترك الحرام في الخارج يتوقف على فعل من الأفعال الوجودية لاستحالة خلو المكلف من فعل ما ، وكون من الأكوان الاختيارية ، وعليه فإذا