ومن الواضح انه لا فرق بنظر العقل في حصول التقرب بين قصد الأمر وقصد الملاك ، فهما من هذه الناحية على نسبة واحدة.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي صحة الفرد المزاحم مطلقاً حتى على القول بالاقتضاء.
وقد تحصل من ذلك ان ما أفاده المحقق الثاني (قده) من التفصيل بين القولين كما لا يتم على القول باشتراط صحة العبادة بقصد الأمر ـ كما عرفت ـ كذلك لا يتم على القول بكفاية قصد الملاك ، فان الصغرى ـ وهي كون الفرد المزاحم تام الملاك ـ ثابتة ، والكبرى ـ وهي كفاية قصد الملاك ـ محرزة فالنتيجة من ضم الصغرى إلى الكبرى هي : صحة الفرد المزاحم حتى بناء على كونه منهياً عنه.
ونلخص ما أفاده (قده) في عدة نقاط :
الأولى ـ فساد ما اختاره المحقق الثاني (قده) من التفصيل بين القولين مطلقاً ، أي سواء القول فيه باشتراط صحة العبادة بقصد الأمر ، وعدم كفاية قصد الملاك ، أو القول بعدم اشتراط صحتها بذلك ، وكفاية قصد الملاك كما مر.
الثانية ـ ان منشأ اعتبار القدرة في متعلق التكليف انما هو اقتضاء نفس التكليف ذلك الاعتبار لا حكم العقل بقبح تكليف العاجز ، ضرورة ان الاستناد إلى أمر ذاتي سابق على الاستناد إلى أمر عرضي.
الثالثة ـ ان الفرد المزاحم ـ هنا ـ تام الملاك ، وان قصد الملاك كاف في صحة العبادة.
الرابعة ـ ان المانع من صحة العبادة ، والتقرب بها إنما هو النهي النفسيّ لا النهي الغيري ، لأن النهي الغيري لا ينشأ من مفسدة في متعلقه ليكون كاشفاً عن عدم تمامية ملاك الأمر.
ولنأخذ الآن بدرس هذه النقاط :
اما النقطة الأولى فيرد عليها : ان ما أفاده (قده) من الفصيل بين القول