لعله ثالثة في الواقع. وعلى هذا الضوء لا محالة لا تستلزم إرادة أحدهما إرادة الآخر هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان أدلة الحجية ليست قاصرة عن إثبات حجية البينة أو ما شاكلها بالإضافة إلى الباقي. فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هو ان سقوط بعض الدلالات الضمنية عن الحجة لا يوجب سقوط بعضها الآخر ، لعدم الملازمة والتبعية بينها كما مر. نعم الملازمة بينها في مقام الإبراز ، فان الجميع كما عرفت يبرز بمبرز واحد.
وهذه هي النقطة الرئيسية للفرق بين الدلالة التضمنية والدلالة الالتزامية. أو فقل : ان الدلالة الالتزامية في نقطة مقابلة للدلالة التضمنية من ناحية مقام الثبوت والحجية. اما من ناحية مقام الثبوت فلان المدلول الالتزامي لا يخلو في الواقع من ان يكون لازماً للمدلول المطابقي أو ملازماً له أو ملزوماً له ، ولأجل ذلك تستلزم إرادة أحدهما إرادة الآخر تبعاً. واما من ناحية الحجية فلما سبق من أدلة الحجية انما تدل على حجية الدلالة الالتزامية تبعاً لدلالتها على حجية الدلالة المطابقية.
الثالث ـ ما عن شيخنا الأستاذ (قده) من ان الفرد المزاحم تام الملاك حتى على القول بكونه منهياً عنه. والوجه في ذلك هو ان النهي المانع عن التقرب بالعبادة هو الّذي ينشأ من مفسدة في متعلقه وهو النهي النفسيّ. واما النهي الغيري فبما انه لا ينشأ من مفسدة في متعلقه لا يكشف عن عدم وجود الملاك في متعلقه ، فبضم هذا إلى كبرى كفاية قصد الملاك في صحة العبادة كما تقدمت تستنتج صحة الفرد المزاحم.
ثم أورد (قده) على نفسه بان الحكم بصحة الفرد المزاحم من جهة الملاك لا يجتمع مع القول بان منشأ اعتبار القدرة هو اقتضاء نفس التكليف ذلك كما هو الصحيح إذ على هذا يكون اعتبار القدرة فيه شرعياً ودخيلاً في ملاك الحكم فيرتفع الملاك بارتفاع القدرة لا محالة.