فهي في غاية الصحة والمتانة. والوجه في ذلك هو ان المانع عن التقرب بالعبادة وصحتها انما هو النهي النفسيّ باعتبار انه ينشأ عن مفسدة في متعلقه ومبغوضية فيه. ومن الواضح ان المبغوض لا يكون مقرباً ، واما النهي الغيري فبما انه ينشأ عن أمر خارج عن ذات متعلقه وهو كون تركه في المقام مقدمة لواجب مضيق أو ملازماً له في الخارج فلا يكون مانعاً عن صحة العبادة والتقرب بها ، لأن متعلقه باق على ما كان عليه من المحبوبية ولم تعرض عليه أية حزازة ومنقصة من قبل النهي المتعلق به.
فعلى ضوء ذلك لا مانع من صحة الإتيان بالفرد المزاحم والتقرب به بداعي الأمر المتعلق بالواجب الموسع ، فان الواجب هو صرف وجود الطبيعة بين المبدأ والمنتهى وهو غير مزاحم بواجب آخر ، وما هو مزاحم به غير واجب ، اذن يصح الإتيان به بداعي أمره كما هو الحال على القول بعدم الاقتضاء.
ونتيجة ذلك هي : عدم ظهور الثمرة بين القولين في هذا المقام أي فيما إذا كان التزاحم بين الإتيان بالواجب الموسع ووجوب الواجب المضيق.
ثم انا لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان النهي الغيري كالنهي النفسيّ مانع عن صحة العبادة والتقرب بها فمع هذا يمكن تصحيحها بما سيجيء من إمكان الأمر بالضدين على نحو الترتب.
ونتائج الأبحاث المتقدمة لحد الآن عدة نقاط :
الأولى ـ ان ما ذكره شيخنا البهائي (قده) من اشتراط صحة العبادة بتحقق الأمر بها فعلا لا يمكن المساعدة عليه بوجه كما عرفت.
الثانية ـ ان ما أفاده شيخنا الأستاذ (قده) من التفصيل في منشأ اعتبار القدرة بين حكم العقل بذلك من باب قبح تكليف العاجز ، وبين اقتضاء نفس التكليف ذلك فقد عرفت انه لا يمكن تصديقه بوجه.
الثالثة ـ انه بناء على القول بان منشأ اعتبار القدرة في متعلق التكليف هو اقتضاء