النهي عن ضده ، سواء أكان المراد به أحد الأضداد الخاصة أو الجامع بينها بوجهين :
الأول ـ ان ترك أحد الضدين مقدمة للضد الآخر ، ومقدمة الواجب واجبة ، فإذا كان الترك واجباً فالفعل لا محالة يكون محرماً ، وهذا معنى النهي عنه
أقول : هذا الدليل مركب من مقدمتين : إحداهما صغرى القياس والثانية كبراه ، فلا بد من درس كل واحدة واحدة منهما.
اما المقدمة الأولى فبيانها : ان العلة التامة مركبة من أجزاء ثلاثة : (١) المقتضى وهو الّذي بذاته يقتضى التأثير في مقتضاه. (٢) الشرط وهو الّذي يصحح فاعلية المقتضى. (٣) عدم المانع وهو الّذي له دخل في فعلية تأثير المقتضى. ومن الواضح ان العلة التامة لا تتحقق بدون شيء من هذه المواد الثلاث ، فبانتفاء واحدة منها تنتفي العلة التامة لا محالة.
ونتيجة ذلك : هي ان عدم المانع من المقدمات التي لها دخل في وجود المعلول ، ويستحيل تحققه بدون انتفائه. ويترتب على ذلك ان ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الضد الآخر ، لأن كلا منهما مانع عن الآخر ، وإلا لم يكن بينهما تمانع وتضاد ، فإذا كان كل منهما مانع عن الآخر فلا محالة يكون عدمه مقدمة له ، إذ كون عدم المانع من المقدمات مما لا يحتاج إلى مئونة بيان ، وإقامة برهان.
واما المقدمة الثانية : فهي أن مقدمة الواجب واجبة ، وقد تقدم الكلام فيها.
فالنتيجة ـ من ضم المقدمة الأولى إلى هذه المقدمة ـ هي : ان ترك الضد بما انه مقدمة للضد الواجب ـ كما هو المفروض في المقام ـ يكون واجباً ، وإذا كان تركه واجباً ففعله حرام لا محالة ـ مثلا ـ ترك الصلاة بما انه مقدمة للإزالة الواجبة فيكون واجباً ، وإذا كان واجباً ففعلها ـ الّذي هو ضد الإزالة ـ يكون حراماً. وهذا معنى ان الأمر بالشيء يقتضى النهي عن الضد.
ولكن كلتا المقدمتين قابلة المناقشة :