وبعد ذلك نقول ان الطبيعة التي يتعلق بها الحكم لا تخلو ان تكون ملحوظة على نحو الإطلاق والسريان ، أو ان تكون ملحوظة على نحو الإطلاق والعموم البدلي ، أو ان تكون ملحوظة على نحو العموم المجموعي ، فعلى الأول لا محالة ينحل الحكم بانحلال افرادها في الواقع ، فيثبت لكل فرد منها حكم مستقل. ولا يفرق في ذلك بين ان يكون هذا الحكم إيجابياً أو تحريمياً ، كما هو واضح. وعلى الثاني فالحكم متعلق بفرد ما من الطبيعة المعبر عنه بصرف الوجود. ومن المعلوم انه لا يفرق فيه بين ان يكون ذلك الحكم وجوبياً أو تحريمياً ، ضرورة ان الملاك إذا كان قائماً بصرف الوجود ـ كما هو المفروض ـ فلا محالة يكون الحكم المجعول على طبقه متعلقاً به ، من دون فرق بين ان يكون ذلك الملاك مصلحة أو مفسدة ، غاية الأمر ان كان الحكم المزبور تحريمياً فلا يكون ارتكاب الفرد الثاني والثالث .. وهكذا بعد ارتكاب الفرد الأول محرما ، وهذا ظاهر. وعلى الثالث فالحكم متعلق بمجموع الافراد على نحو العموم المجموعي ، ولا يفرق فيه أيضاً بين ان يكون ذلك حكما وجوبياً أو تحريمياً ، كما هو واضح.
وعلى الجملة فالألفاظ وان كانت موضوعة للطبيعة المهملة من تمام الجهات ما عدا النّظر إلى ذاتها وذاتياتها ، الا ان الشارع في مقام جعل الحكم عليها لا بد ان يلاحظها على أحد الأنحاء المذكورة ، لاستحالة الإهمال في الواقع ، فلا محالة اما ان يلاحظها على نحو الإطلاق والسريان ، أو على نحو العموم البدلي ، أو المجموعي ، فلا رابع لها. وعلى جميع هذه التقادير والفروض لا فرق بين الحكم التحريمي والوجوبيّ أصلا.
ومن هنا يظهر ان الحال كذلك على وجهة نظر المشهور من ان المطلوب من النهي هو ترك الطبيعة ، فانه في مقام جعل الحكم عليه اما ان يلاحظ على نحو الإطلاق والسريان ، أو على نحو العموم المجموعي ، أو على نحو العموم