المكلف وثابت في ذمته وليس بمحرم ، ضرورة ان النهي عنه غير ناش عن قيام مفسدة إلزامية في فعله ، بل هو ناش عن قيام مصلحة ملزمة في نفسه ، بمعنى ان الشارع قد اعتبر ترك كل من محرمات الإحرام على ذمة المكلف ، وأبرزه في الخارج بمبرز ، كصيغة النهي أو ما شاكلها.
ومن الواضح جداً انه ليس هنا نهى حقيقة ، بل امر في الحقيقة والواقع تعلق بترك عدة من الأفعال في حال الإحرام. فيكون ترك كل منها واجباً مستقلا على المكلف. وقد تقدم ما هو ملاك افتراق الأمر والنهي وانه ليس في المبرز (بالكسر) لما عرفت من انه لا شأن له أصلا ما عدا إبرازه عن واقع الأمر وواقع النهي ـ وهما اعتبار الشارع فعل شيء أو تركه في ذمة المكلف ، واعتباره حرمانه عن فعل شيء أو تركه ـ فالأوّل امر ، سواء أكان مبرزه في الخارج صيغة امر أم صيغة نهي. والثاني نهي كذلك أي سواء أكان مبرزه فيه صيغة نهي أم امر.
نعم فيما إذا كان مبرز الأمر خارجا صيغة النهي يصح ان يقال انه امر واقعاً وحقيقة ، ونهي صورة وشكلا.
ومن هنا يظهر ان تعبير الفقهاء عن تلك الأفعال بمحرمات الإحرام مبني على ضرب من المسامحة والعناية ، والا فقد عرفت انها ليست بمحرمة بل تركها واجب ، وكيف كان فلا إشكال في ان هذا القسم قليل جداً في أبواب العبادات والمعاملات ، دون القسم الأول ، وهو ما إذا كان الترك متعلقاً للأمر الضمني.
وبتعبير آخر ان الواجبات الضمنية على ثلاثة أقسام :
الأول ـ ما يكون بنفسه متعلقاً للأمر.
الثاني ـ ما يكون التقيد بوجوده متعلقاً له.